الشافعي المؤرخ الواسطي، المعروف بابن الدبيثي بضم الدال المهملة، وفتح الموحدة وسكون المثناة من تحت، وبعدها مثلثة نسبة إلىدبيثا قرية من نواحي واسط، سمع الحديث كثيراً، وعلق تعاليق مفيدة، وكانت له محفوظات حسنة، يوردها ويستعملها في محاوراته وكان في الحديث وأسماء رجاله والتاريخ من الحفاظ المشهورين والنبلاء المذكورين وصنف كتابًاجعله ذيلاً على كتاب تاريخ الحافظ أبي سعيد ابن السمعاني المذيل علىتاريخ بغدادللخطيب، وذكر فيه ما أغفله السمعاني في ثلاث مجلدات وما أقصر فيه، وصنف تاريخاًللواسط، وغير ذلك وأنشد لنفسه:
خبرت بني الأيام طراً، فلم أجد ... صديقًا صدوقًا مسعداً في النوائب
وما اخترت منهم صاحبًاوارتضيته ... فأحمدته في فعله والعواقب
قلت: وهن الأبيات أخذت من أبيات الإمام الشافعي المذكورة في ترجمته وفيها توفي أبو البركات المبارك بن أبي الفتح أحمد بن المبارك، الملقب بابن المستوفي اللخمي الإربلي، كان رئيسًا جليل القمر كثير التواضع واسع الكرم، لم يصل إلى إربل أحدمن الفضلاءإلا وبادر إلى زيارته وحمل إليه ما يليق بحاله، وتقرب إلى قلبه بكل طريق وخصوصًاأرباب الأدب، فقد كانت سوقهم لديه نافقة وكان جم الفضائل عارفا بعدة فنون منها الحديث وعلومه وأسماء رجاله، وجميع ما يتعلق به، وكان إمامًا فيه، وكان ماهراًفي فنون الأدب من النحو واللغة والعروض والقوافي وعلم المعاني وأشعار العرب وأخبارها وأيامها ووقائعها وأمثالها، وكان بارعاًفي علم الديوان وضبطه وحسابه، وضبط قوانينه علىالأوضاع المعتبرة عندهم، وجمع لإربل تاريخاًفي أربع مجلدات، وله كتاب النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام في عشر مجلدات، وكتاب إثبات المحصل في نسبة أبيات المفصل في مجلدين تكلم فيه على الأبيات التي استشهد بها الزمخشري في المفصل وكتاب سر الصنعة وكتاب سماه أبا حماش جمع فيه أدباً كثيرًا ونوادر وغيرها. وديوان شعر أجاد فيه، ومن شعره بيتان فضل فيهما البياض على السمرة، وهما:
لا تخدعنك سمرة غزاره ... ما الحسن إلا للبياض وجنسه
فالرمح يقتل بعضه من غيره ... والسيف يقتل كله من نفسه
قلت: ولي أبيات في تفصيل لون البياض على غيره منها قولي: