عسيلتنا، فأنسى ذلك الشخص جميع ما كان يحفظ، وكان قد قرأ السبع، فعرف من أين أتى، واستغفر الله تعالى، وتاب ودخل في مذهب الشيخ ابن الزاكي، وكان شافعياً، وصار يتعلم كما يتعلم المبتدئ إلى أن بلغ خمس روايات، ثم توفي.
وهذه الحكاية مستفيضة في بلاد اليمن، فلما حكيتها للشيخ أبي عبد الله القصري المذكور قال لي: إن كنت قرأت على هذا الشيخ قرأت عليك نقول ذلك من باب حسن الظن كما ذكرت، ولمناسبة أهل الخير والصلاح في حسن الظن ذكرت هذه الحكاية هنا مع كونها دخيلة، وكان - رحمه الله تعالى - يسألني عن مذهب الإمام الشافعي، ويقول: أنا ما أتقيد بمذهب مالك بل آخذ بما رجح فيه الدليل، وكان يسمع بقراءتي سنن أبي داود على شيخنا الإمام رضي الدين الطبري، فلما فرغت قراءة الكتاب، قال: اكتب لي الإجازة، فكتبت وذكرت فيها بعض أوصافه على سبيل المدح، فأخذ القلم، وضرب على ذلك سوى المقرئ الواعظ، فإنه لم يضرب على لفظهما، وقال: صحيح وذلك من شدة ورعه وزهده أعني ضربه على ما نسبت إليه رحمه الله تعالى.
وفيها توفي شيخ بلاد الجزيرة الإمام القدوة شمس الدين محمد المنتسب إلى شيخ الشيوخ، في المجد والمفاخر الذي خضعت لقدمه رقاب الأكابر، الشيخ أبي محمد محيي الدين عبد القادر الجيلي، جده الرابع، أعاد الله من بركاته علينا، وعلى المسلمين، وكان شمس الدين المذكور عالماً صالحاً وقوراً وافر الجلالة، روى عن الفخر علي بدمشق، وحج مرتين.
وفيها توفي صاحب التاريخ الكبير محمد بن إبراهيم ابن الجرزي الدمشقي عن إحدى وثمانين سنة.
وفيها مات بخليص محرماً في ذي الحجة الإمام الحافظ محدث الشام علم الدين القاسم بن محمد بن البرزالي الشافعي، صاحب التاريخ، والمعجم الكبير عن أربع وسبعين سنة وأشهر.