للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله من المحاسن والسيرة الرضية، والكرامات والمناقب العلية، والتواضع والآداب. ما يضيق عن ذكره كتاب، فالله تعالى يزيده من فضله، ويجزل له الأجر والثواب، وينفعنا والمسلمين به وبالصالحين آمين.

وقد ذكرت في بعض كتبي شيئاً من كراماته المشتملة على بشاراته لي بما أرجو حصوله من فضل الله الكريم، وها أنا أذكر هنا بعض ذلك.

ذكر شيء من كرامات شيخنا نور الدين قدس الله روحه على وجه الاختصار.

فمنها ما أخبرني بعض أصحابه وأولاده، واستفاض في جهته وبلاده أنه قال لأمراء زمانه الطاغين في مكانه: إن لم تنتهوا عن كذا وكذا من المظالم والمعاصي جاءتكم النار، فقيل له في ذلك الحال: متى تجيء النار؟ قال: ليلة الجمعة، فلما كان سحر ليلة الجمعة طلع مؤذن الجامع المنارة ليذكر، فرأى ناراً مقبلة في الجو مثل المنارة تدنو منهم قليلاً قليلاً، فصاح ألا جاءكم ما أوعدكم به الشيخ علي، فخرج الأميران في ذلك الوقت قاصدين الشيخ، وكان خارج البلد نازلاً في بيت وحده، وأظهر له التوبة، وبكيا وتضرعا ومرغا خدودهما على الرماد بين يديه، وإذا بالنار قد انقسمت نصفين، فذهب أحدهما في جهة، والنصف الآخر في جهة راجعين عن البلد، والحمد لله الرحمن الجواد.

ومنها ما سمعته أيضاً غير مرة من غير واحد من تلامذته، واشتهر شهرة عظيمة في بلدته أن إنساناً يقال له: ثابت من بعض البلدان البعيدة ممن أعرفه، وأقام عندنا بمكة أشهراً عديدة، ثم سافر إلى بلاد حلي ابن يعقوب يحبسه العوام من الصالحين المنال. عندهم المطلوب، فأقام زماناً طويلاً في القرية، فلما كان يوم الجمعة من جميع ذلك الزمان جاء شيخنا المذكور إلى الجامع ليصلي الجمعة، وإذا بثابت المذكور جالس في طريقه، فلما مر عليه الشيخ أطلق ثابت لسانه فيه وسبه، وهم بعض من هو مع الشيخ بالبطش فيه، فقال الشيخ: دعوه معه ما يكفيه، فاشتغل في الحال ناراً فأخذ من حضر ماء، فجعلوا يصبونه على تلك النار لكي تنطفئ، فأحرقت ما شاء الله من جسمه ولحيته، والحمد لله على نعمه وإكرامه لأهل طاعته.

ومنها ما أخبرني بعض الصالحين ممن أعرفه وأعتقده، أن بعض ذرية الفقيه الكبير الولي الشهير، السيد الجليل، أحمد بن موسى بن عجيل - قدس الله روحه - أتى بقافلة اليمن، فلما وصل بلاد الشيخ أرسل بعض الفقهاء من أصحابه إلى الشيخ يسأله عن الأصلح في سفر البر أو البحر خوفاً من العربان القطاع أولي الفساد والأطماع، فلما أتاه الرسول وجد الشيخ مقبوضاً، فلما لم ير عنده شيئاً من البسط والإيناس. قال في نفسه: ليت الفقيه فلاناً

<<  <  ج: ص:  >  >>