للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أسعدت يوماً برفع خمارها ... على الوجه أحيتني بأول نظرة

سقى الله أياماً خلوت بسيد ... بها هل تراها سامحات بعودة

فكنا بها في طيب جمع بها الهنا ... وعيش صفا من قبل تكدير فرقة

ولا سيما يوماً أغر مباركاً ... به اليمن والبشرى بتبليغ منيتي

فشاهدت من أحواله وعلومه وأنواره ... ما تحته كل تحفة

وألبسني عن أمر مولاه خرقة ... كسيت بها فخراً لأمر بيقظة

مولى من الموالي أجل ولاية ... يسل عليها سيف سطوة عزة

به كل جبار من الخلق خاضع ... إلى عزة يأتي مطيعاً بذلة

له في معالي المجد منزل سؤدد ... به طربت بيض المعالي وغنت

مع أبيات أخرى في بعضها استعارات، يطرق إليها إنكار من بعض من لا يفهم معاني الاستعارات والمجاز والإشارات، والعجب أن المنكرين هم من أهل السنة مع استحسان إمام الزيدية العلامة الفاضل يحيى بن حمزة للقصيدة المذكورة، فيما أخبرني به بعض حملة كتاب الله من المخبرين المباركين. قال: رأيته في حراز من بلاد اليمن، وقد أتي غازياً الإسماعيلية في جيش كثير قال: فلما - علم أني قاصد الحج: قال: لعلك تأتيني، أو قال: عسى أن تأتيني بشيء من كلام فلان، فقد وقفت له على قصيدتين أعجبتاني إحداهما في مدح شيخه قلت: والعجب كل العجب ممن ينكر ما تضمنته من ذكر الاستعارات، وعلو المقامات مما يستحسنه المخالفون المنكرون للمقامات، فنسأل الله الكريم الوهاب القادر أن يعافينا من عمي البصائر قد وعمني شيخنا المذكور بالجائزة للقصيدة المذكورة، وقال: هي تأتيك، ولو بعد حين، فلا تيئس منها، وإن طال الزمان، ونزل من مقامه العالي في التواضع وغيره، وأنزلني منزلة ليست لي بمكان، وفي ذلك قلت:

وأهلني المولى لما لست أهله ... وأنزلني منه الندا فوق منزلي

وأنزلته في مدحتي دون منزل ... له في العلى في كل ناد ومحفل

قلت: ومن تواضعه المذكور أني رجعت ذات يوم من صلاة الجمعة في حلى، فوافيته خارج القرية يريد الرجوع إلى منزله، وقد أتى بمركوب يركب عليه لحدوث ضعف فيه مع ضعف مزاجه، وضعفه برياضته وعلاجه، فلما راني قال: اركب فامتنعت من ذلك، فألح علي حتى ركبت، وصار هو يمشي بعدي.

ومن ذلك أيضاً أنه حصل لي تأديب في وقت هو فيه غائب لحال ورد عليه، فلما أفاق قال لي: قد يؤدب الفاضل على يد المفضول. يعني أنه حصل لموسى عليه السلام أدب على يد الخضر عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>