للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: ومما يدل على جلالة قدره وإرتفاعه وكثرة مصنفاته، فقد روى الحافظ أبو القاسم بسنده أنها عدت تراجمهم، ففاقت على ثلاثمائة وثمانين مصنفاً، منها " كتاب الفضول " في الرد على المحدثين والخارجين عن الملة، كالفلاسفة والتابعين والدهريين وأهل التشبيه والقائلين بقدم الدهر، على اختلاف مقالاتهم وأنواع مذاهبهم، ورد فيه على البراهمة واليهود والنصارى والمجوس. وهو كتاب مشتمل على اثني عشر كتاباً.

وكذلك " كتاب الموجز " يشتمل على اثني عشر كتاباً، على حسب تنوع مقالات المخالفين من الخارجين عن الملة، كالفلاسفة والداخلين، ورد على سائر أنواع المبتدعين في كتبه، تعميماً وتخصيصاً.

ومما يدل على ذلك أيضاً خطبة كتابه الذي صنفه في تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان. قال: أما بعد، فإن أهل الزيغ والبدع والتضليل تأولوا القرآن على رأيهم، وفسروه على أهوالهم تفسيراً، لم يزل الله تعالى به سلطاناً، ولا أوضح به برهاناً، ولا رووه عن رسول رب العالمين، ولا عن أهل بيته الطيبين، ولا عن السلف المتقدمين من الصحابة والتابعين، افتراء على الله، قد ضلوا وما كانوا مهتدين، ثم قال في أثناء كلامه: وشيوخهم الذين قلدوهم، فأضلوهم وما هدوهم. قال: ورأيت الجبائي قد ألف كتاباً في تفسير القرآن، أوله على خلاف ما أنزله الله عز وجل لغة أهل قرية المعروفة بجبا، وليس من أهل اللسان الذي نزل به القرآن، وما روى في كتابه حرفاً واحداً عن المفسرين. وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه، ولولا أنه استغوى بكتابه كثيراً من العوام، واستنزل به عن الحق كثيراً من العظام، لم يكن للتشاغل به وجه.

ثم ذكر المواضع التي أخطأ فيها الجبائي في تفسيره، وبين ما أخطأ فيه من تأويله من القرآن بعون الله تعالى وتيسيره، وكل ذلك مما يدل على جلة وكثرة علمه، وظهور فضله، جزاه الله تعالى عن جهاده في دينه بلسانه الحسنى، وأحله بإحسانه في مستقر جنانه. المحل الأسنى. واسم كتابه الذي ألفه في تفسير القرآن " المتحفون ".

قال الإمام الماهر في الفقه: محمد بن موسى بن عمار، فيما روى عنه الثقات الأخيار والعلماء الأحبار. ذكر لي بعض أصحابنا أنه رأى من تفسيره المذكور طرفاً وكان بلغ فيه سورة الكهف وقد أنهى مائة كتاب، ولم يترك آية يتعلق بها يدعي، إلا بطل تعلقه بها، وجعلها حجة لأهل السنة، وبين المجمل، وشرح المشكل، أو قال: المستشكل. قال: ومن وقف على تآليفه رأى أن الله تعالى قد أمده بإمداد توفيقه، وأقامه لنصرة الحق والذب عن طريقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>