للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملك النعوت العظيمة إلى الآن في مقر العز والجلال ومظل القدرة والكمال. ما انتقل إلى مكان، لم يتغير عما عليه كان. يحتجب بجلال عزته في معالي كبريأنه وعظمته، فوجم العرش من خوف البطش، إذ جعل محلاً للافتراء ومجالاً للامتراء، وصاح بلمان إلىهبة من البعد: يا أرباب الغيبة عن إلىشد، إني منذ خلقت في دهشة الوله ووحشة التحير لمع لي من جناب الأزل بارق " إلىحمن على العرش استوى "، - طه ٥ - فلما صوبت نظري إلى نفسي وقع حده على جرم السماء فانطبع فيه: " ثم استوى إلى السماء "، - البقرة ٢٩ - فهبت فيها نظري، وشخص إليها بصري وطمحت إشراقات أنواره إلى عالم الثرى، فانتقش في طي مكنوناته مكتوب " واسجد واقترب "، - العلق ١٩ - فأتى رهين غريتي وقرين زفرتي، لا أسمع غير الأخبار ولا أشهد غير الآثار، وأتبع قوم سبيل إلىشاد في إشراق أنواره. ونصبو الشرع أمامهم، وأخذوا الحق إمامهم، واقتدوا بعساكر التوفيق

جنداً جنداً، وسبقت إليهم ركائب ألفاييد وفداً وفداً، وشموس الهداية تسري معهم، وعيون العناية ترعى مرتعهم وتجمعهم، فأوصلهم الصدق في اتباع الحق إلى مسالك التوحيد ومعارف التمجيد، وعلت بهم إلىتب إلى مقام القرب، وسقوط الكيف والتشبيه والحدود، ووجوب التنزيه والإجلال لواجب الوجود. قلت: فهذا بعض كلامه في ذلك محتوياً على التوحيد والتنزيه ومصرحاً بنفي التجسيم والتشبيه، مفصحاً بكون الحق تعالى لم ينتقل إلى مكان، ولم يتغيرعما عليه كان، جامعاً بين فصاحة العبارة وملاحة الاستعارة وكذلك قوله في المشاهدة: لا بد في الشهود من سقوط مشهودين ونفى تعلق الحط بالحيز والوقت والأين، ومحو ثبوت الفيق والجمع والقرب والبين. وقد ذكرت في كتاب نشر المحاسن. شيئاً من كلامه في الاعتقاد والأسرار وعلم ألفاطن. ومن كلامه أيضاً المروي عنه في مناقبه لما قيل له أن فلاناً - وسموا له بعض مريديه - يقول إنه يرى الله عز وجل بعيني رأسه، فاستدعى به وسأله عن ذلك فقال: نعم، فانتهره ونهاه عن هذا القول، وأخذ عليه أن لا يعود إليه فقيل له: أمحق هذا - أم مبطل؟ قال: هو محق ملبس عليه، وذلك أنه شهد ببصيرته نور الجمال، ثم خرق من بصيرته إلى بصره منفذاً فرأى بصره ببصيرته يتصلى شعاعها بنور شهوده، فظن أن بصره رأى ما شهدته بصيرته، وإنما رأى بصره ببصيرته فحسب، وهو لا يدري. قال الله تعالى: " مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان "، - الرحمن٢٠ - وان الله يبعث بمشيئته على أيدي ألفافه أنوار جلاله وجماله إلى قلوب عباده، فتأخذ منها ما يأخذ المصور من الصور، ولا ضرر، ومن وراء ذلك رداء كبريأنه الذي لا سبيل إلى انخراقه. قال إلىاوي: وكان جمع من المشايخ والعلماء حاضرين هذه الواقعة، فأطربهم سماع هذا الكلام، ودهشوا من حسن إفصاحه عن حال إلىجل، وقام بعضهم ومزق ثيابه، وخرج إلى الصحراء عرياناً يعني هائماً. جنداً جنداً، وسبقت إليهم ركائب ألفاييد وفداً وفداً، وشموس الهداية تسري معهم، وعيون العناية ترعى مرتعهم وتجمعهم، فأوصلهم الصدق في اتباع الحق إلى مسالك التوحيد ومعارف التمجيد، وعلت بهم إلىتب إلى مقام القرب، وسقوط الكيف والتشبيه والحدود، ووجوب التنزيه والإجلال لواجب الوجود. قلت: فهذا بعض كلامه في ذلك محتوياً على التوحيد والتنزيه ومصرحاً بنفي التجسيم والتشبيه، مفصحاً بكون الحق تعالى لم ينتقل إلى مكان، ولم يتغيرعما عليه كان، جامعاً بين فصاحة العبارة وملاحة الاستعارة وكذلك قوله في المشاهدة: لا بد في الشهود من سقوط مشهودين ونفى تعلق الحط بالحيز والوقت والأين، ومحو ثبوت الفيق والجمع والقرب والبين. وقد ذكرت في كتاب نشر المحاسن. شيئاً من كلامه في الاعتقاد والأسرار وعلم ألفاطن. ومن كلامه أيضاً المروي عنه في مناقبه لما قيل له أن فلاناً - وسموا له بعض مريديه - يقول إنه يرى الله عز وجل بعيني رأسه، فاستدعى به وسأله عن ذلك فقال: نعم، فانتهره ونهاه عن هذا القول، وأخذ عليه أن لا يعود إليه فقيل له: أمحق هذا - أم مبطل؟ قال: هو محق ملبس عليه، وذلك أنه شهد ببصيرته نور الجمال، ثم خرق من بصيرته إلى بصره منفذاً فرأى بصره ببصيرته يتصلى شعاعها بنور شهوده، فظن أن بصره رأى ما شهدته بصيرته، وإنما رأى بصره ببصيرته فحسب، وهو لا يدري. قال الله تعالى: " مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان "، - الرحمن٢٠ - وان الله يبعث بمشيئته على أيدي ألفافه أنوار جلاله وجماله إلى قلوب عباده، فتأخذ منها ما يأخذ المصور من الصور، ولا ضرر، ومن وراء ذلك رداء كبريأنه الذي لا سبيل إلى انخراقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>