للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزيزاً رفيعاً. ومما يؤيد ذلك ويدل على عدم اعتقاده الجهة والمكان في حال النهاية والعرفان كلامه المشهور عنه في مناقبه الثابتة برواية الرجال ألفائعة في البلمان، ومن ذلك قوله المشتمل على يواقيت الحكم وابتهاج النور، وهو هذا النسيج العجيب والأسلوب الغريب والدر المنثور. قال رضي الله تعالى عنه: نودي في معاقل الأفاق وفجاج الأكوان ومعالم المصنوعات أن سلمان الصفات القديمة وملك النعوت العظيمة يريد أن يمر على مسالك المعالم ويبدو في مشاهد الشواهد، فحدقوا عقولكم وصفوا سرائركم، وقيدوا أفكاركم وغضوا أبصاركم، واحصروا بلاغتكم وكفوا مناطقكم والسنتكم. فبرز من جناب العزة سنا بارق مجلل بالهيبة، مظلل بالعظمة، متوج بالجلال، مكلل بالكمال، أخذ بنواصي الأنوار قاهراً لمعاني الأسرار، فتجلى في حلل لطفه وتلطفه، ودنا بتقربه وتعرفه، له مطالع ومشارق، ولوائح وبوارق، وشواهد ومناطق، ومعارف وحقائق، وعوارف ومناشق، تجلو مطالعة " إلىحمن على العرش استوى " - طه ٥ - ويسفر مشارقه " وسع كرسيه السماوات والأرض " - البقرة ٢٥٥ - ويوضح لوامحه، " يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء "، - ألفائدة ٦٤ - ويكشف بوارقه " وهو معكم أينما كنتم "، - الحديد ٤ - ويبدي شواهده " والسماوات مطويات بيمينه "، - الزمر ٦٧ - ويفصح مناطقه " والله من ورأنهم محيط "، - البروج ٢٠ - وينادي معارفه " وهو السميع البصير "، - الشورى ١١ - ويطق حقائقه " ليس كمثله شيء "، - الشورى ١١ - ويشهد عوارفه " لا تدركه الأبصار "، - الانعام ١٠٣ - وتتأرج مناشقة " قل الله ثم ذرهم " وظهرت معه بدائع القدم في أحسن صورة من بهجة الكمال ألفارز من حريم العز، عليها من ملابس الجمال غرائب العجائب، فطاف بها طائف من ربك في طرائق المكنونات ومصنوعات المصنوعات ومكنونات ألفائنات، فوقع الكل في مهاوي الهيبة، وتاهوا في مهامه الدهشة، وإذا الندا من حضرة القدس " ألست بربكم " فقالوا بلمان الذل والخضوع في مقام التوحيد والإقرار بوحدانية إلهيته: بلى، وأشهدهم على أنفسهم لقيام الحجة، يوم تشهد عليهم ألسنتهم، فيتبع الخلائق ذلك ألفارق، وسلكوا نحوه طرائق، فاقتفى قوم ولم يستضيئوا هى من علم ولا إثارة، بل حكموا العقول ومقاييسها. فاتبعوا الأهوية وأباليسها. فمنهم طائفة ضلوا في تيه التمويه ووقعوا في التجسيم والتشبيه، الذين أهلكهم الشقاء حين ابتلى أخيارهم، وأولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. ومنهم فرقة - حاروا في أضاليل التعطيل. ومنهم عصابة هلكوا ابأباطيل الحلول، وأغرقوا فأدخلوا ناراً، فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً. ومبادىء التوحيد والتنزيه تنادي في صفحات الوجود أن سلمان الصفات القديمة

<<  <  ج: ص:  >  >>