وفيها توفي العاضد لدين الله عبد الله ابن الحافظ لدين الله العبيدي المصري، أحد خلفاء ألفاطنية. وفي أيامه قدم حسين بن نزار بن المستنصري في جموع من المغرب، فلما قرب منه غدر به أصحابه، وقبضوا عليه وحملوه إلى العاضد، فذبحه صبراً. وكان موت العاضد بإسهال مفرط، وقيل: مات غماً لما سمع بقطع خطبته. وفيها توفي أبو الحسن بن النعمة على بن عبد الله الأنصاري الأندلسي، أحد الأعلام، تصدر لإقراء القرآن والحديث الفقه والنحو واللغة، وكان عألفا حافظاً للفقه والتفاسير ومعاني الآثار، مقدماً في علم اللمان -، فصيحاً مفوهاً ورعاً فاضلاً معظماً، دمث الأخلاق. انتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى، وصنف كتاباً كبيراً في شرح سنن النسائي بلغ فيه الداية. وفيها توفي أبو المظفر محمد بن أسعد بن الحكي، كان له القبول الشام في الوعظ بدمشق، سمع ودرس وصنف تفسير القرآن، وشرح مقامات الحريري. وفيها توفي أبو حامد النووي الطوسي الفقيه الشافعي محمد بن محمد، تلميذ محمد ابن يحيى. كان إليه المنتهى في معرفة علم الكلام والنظر والبلاغة والجدل، بارعاً في معرفة مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري، وصنف في الخلاف تعليقة جيدة، وله جدل مليح سماه: المقترح في المصطلح، أكثر الفقهاء الاشتغال به، وشرحه الفقيه أبو الفتح مظفز بن عبد الله المصري شرحاً مستوفي، وكان حلو العبارة ذا فصاحة وبراعة، دخل بغداد فصادف قبولاً وافراً من الشام وألفاص، وكان يحضر عنده كل يوم خلق كثير، وله حلقة المناظرة بجامع القصر، ويحضر عنده المدرسون والأعيان، ويجلس للوعظ في النظامتة - ومدرسها يومئذ ألفاشي أحمد بن عبد الله - وكان هو يدرس في المدرسة النهائية قريباً من النظامية، يذكر فيها كل يوم عدة دروس. وذكر بعض المؤرخين أنه وعظ، وبعد صيته، وشغب على الحنابلة فأصبح ميتاً ويقال إن الحنابلة أهدوا له مع امرأة صحن حلواء مسمومة.