ونازل الموصل، ولم يظفر بها لحصانتها، ثم جاء رسول الخليفة يأمره بالترحل عنها، فرحل عنها، ورجع، فأخذ عز الدين مسعود، وعوضه بسنجار. وفيها لبس لباس الفتوة الناصر لدين الله من شيخ الفتوة عبد الجبار، وابتهج بذلك، وبقي يلبس الملوك. وفيها بعث صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين بذلك - بالطاء المهملة والغين المعجمة والمثناة من فوق قبل الكاف ومن تحت بعدها ثم النون - على مملكة اليمن، فدخلها وتسلمها من نواب أخيه. وفيها توفي أبو الكرم هبة الله بن علي الأنصاري الخزرجي المصري المعروف بالبوصيري، كان أديباً كاتباً، له سماعات عالية وروايات تفرد بها، والحق الأصاغر بالأكابر في علو الإسناد، ولم يكن في آخر عصره في درجته مثله. سمع بقراءته جماعة من الكبار، ورحل إليه الطلاب من الأمصار. قال الذهبي. وفيها توفي أحمد بن الرفاعي الزاهد القدوة أبو العباس بن علي بن يحيى كان أبوه قد نزل بالبطائح، بالعراق بقرية أم عبيدة، فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد، فولدت له الشيخ أحمد في سنة خمس مائة، وتفقه قليلاً على مذهب الشافعي، وكان إليه المنتهى في التواضع والقناعة ولين الكلمة، والذل والانكسار والارزاء على نفسه، وسلامة الباطن. ولكن أصحابه فيهم الجيد والرديء، وقد كثر الزغل فيهم، وتحدرت لهم أحوال شيطانية من دخول النيران والركوب على السباع واللعب بالحيات، وهذا ما عرفه الشيخ والأصلحاء أصحابه - فنعوذ بالله من الشيطان. قلت: هذه ترجمة الذهبي عليه في كتابه الموسوم بالعبر، ولم يزد على هذا، وهذا من العجائب في اقتصاره على هذا في ذكر شيخ الشيوخ الذي ملأت شهرته بالمشارق والمغارب، تاج العارفين، وإمام المعرفين، ذي الأنوار الزاهرة، والكرامات القاهرة، والمقامات العلية والأحوال السنية، والبركات العامة، والفضائل الشهيرة بين الخاصة والعامة: أحمد بن أبي الحسن الرفاعي. وقد ذكرت شيئاً من كراماته ومحاسنه في كتابي الموسوم بروض الرياحين، وفي كتاب الموسوم بالأطراف، وهو كما ترجم عليه بعض العلماء الفضلاء المعتقدين في المشايخ والفقراء حيث قال فيه: هو من أجل العارفين وعظماء المحققين وصدور المقربين، صاحب المقامات العلية والأحوال السنية، والأفعال الخارقة. والأنفاس الصادقة، والفتح المؤنق والكشف المشرق، والقلب الأنور والسر الأظهر والقدر الأكبر، والمعارف الباهرة والحقائق الظاهرة، واللطائف الشريفة والهمم