المنيفة، والقدم الراسخ في التصريف الناقد، والباع الطويل في أحكام الولاية، خرق الله على يديه العوائد، وقلب له الأعيان، وأظهر العجائب، فله مجلس القرب في الحضرة الشريفة، ورفيع المقام والقبول العظيم عند الخاص والعام، عطرت بذكره الآفاق والأقطار، ولاح منه نور الفلاح، واستطار صيته في الوجود استطارة النار بالرياح. قلت: ومن كراماته ما روى ابن أخته الشيخ الجليل أبو الحسن علي قال: كنت يوماً جالساً عند باب خلوة خالي الشيخ أحمد رضي الله تعالى عنه، وليس فيها غيره، وسمعت عنده حساً، فنظرت فإذا عنده رجل ما رأيته قبل، فتحدثا طويلاً، ثم خرج الرجل من كوة في حائط الخلوة ومر في الهوى كالبرق الخاطف، فدخلت على خالي وقلت له: من الرجل؟ فقال له: أو رأيته؟. قلت: نعم، قال: هو الرجل الذي يحفظ الله - عز وجل - به قطر البحر المحيط، وهو أحد الأربعة الخواص، إلا أنه هجر منذ ثلاث وهو لا يعلم. فقلت له: يا سيدي؛ ما سبب هجره؟ قال: إنه مقيم بجزيرة في البحر المحيط، ومنذ ثلاث ليال أمطرت جزيرته حتى سالت أوديتها، فخطر في نفسه: لو كان هذا المطر في العمران، ثم استغفر الله تعالى، فهجر بسبب اعتراضه. فقلت له: أعلمته؟ قال: لا، إني استحييت منه، فقلت له: لو أذنت لي لأعلمته، فقال: أو تفعل ذلك؟ قلت: نعم، فقال: رنق، فرنقت، ثم سمعت صوتاً: يا علي، ارفع رأسك، فرفعت رأسي من رنقي، فإذا أنا بجزيرة في البحر المحيط فتحيرت في أمري، وقمت أمشي فيها فإذا بذلك الرجل، فسلمت عليه وأخبرته، فقال: ناشدتك الله ألا فعلت ما أقول لك، قلت: نعم، قال: ضع خرقتي في عنقي، واسحبني على وجهي، وناد علي، هذا جزاء من تعرض على الله سبحانه. قال: فوضعت الخرقة في عنقه وهممت بسحبه، وإذا هاتف يقول: يا علي، دعه فقد ضجت عليه ملائكة السماء باكية عليه وسائلة فيه، وقد رضي
عنه. قال: فأغمي علي ساعة، ثم سري عني وإذا أنا بين يدي خالي في خلوته. والله ما أدري كيف ذهبت ولا كيف جئت. قلت وقد اقتصرت على ما يسمع من كراماته في هذه القضية الفردة من بين ما لا يحصى، ولا يستطيع من رام ذلك عده. قال الإمام ابن خلكان: كان شافعي المذهب، أصله من العرب وسكن في البطائح في قرية يقال لها: أم عبيدة، وانضم إليه خلق عظيم، وأحسنوا الاعتقاد فيه وتبعوه. والطائفة المعروفة بالبطائحية والرفاعية من الفقراء منسوبة إليه. قال: ولأتباعه أحوال عجيبة في الحيات والنزول في التنانير وهي تضطرم بالنار فيطفئونها، ويقال إنهم في بلادهم يركبون الأسود، ومثل هذا وأشباهه، ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يعد ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل منهم، وأمورهم مشهورة مستفيضة، فلا حاجة إلى الإطالة. وذكر أصحابه وأتباعه ذكراً جميلاً يدل على حسن اعتقاده في الفقراء من حيث الجملة، وحمل أحوالهم على السداد خلافاً لما قدمته عن الذهبي من الطعن فيهم وسوء الاعتقاد. قال ابن خلكان: وكان للشيخ أحمد - على ما كان عليه من الاشتغال بالعبادة - شعر، فمنه على ما قيل: هـ. قال: فأغمي علي ساعة، ثم سري عني وإذا أنا بين يدي خالي في خلوته. والله ما أدري كيف ذهبت ولا كيف جئت. قلت وقد اقتصرت على ما يسمع من كراماته في هذه القضية الفردة من بين ما لا يحصى، ولا يستطيع من رام ذلك عده. قال الإمام ابن خلكان: كان شافعي المذهب، أصله من العرب وسكن في البطائح في قرية يقال لها: أم عبيدة، وانضم إليه خلق عظيم، وأحسنوا الاعتقاد فيه وتبعوه. والطائفة المعروفة بالبطائحية والرفاعية من الفقراء منسوبة إليه. قال: ولأتباعه أحوال عجيبة في الحيات والنزول في التنانير وهي تضطرم بالنار فيطفئونها، ويقال إنهم في بلادهم يركبون الأسود، ومثل هذا وأشباهه، ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يعد ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل منهم، وأمورهم مشهورة مستفيضة، فلا حاجة إلى الإطالة. وذكر أصحابه وأتباعه ذكراً جميلاً يدل على حسن اعتقاده في الفقراء من