سوق حارة برجوان: هذا السوق من الأسواق القديمة، وكان يعرف في القديم أيام الخلفاء الفاطميين بسوق أمير الجيوش، وذلك أنّ أمير الجيوش بدر الجمالي لما قدم إلى مصر في زمن الخليفة المستنصر، وقد كانت الشدّة العظمى، بنى بحارة برجوان الدار التي عرفت بدار المظفر، وأقام هذا السوق برأس حارة برجوان. قال ابن عبد الظاهر: والسويقة المعروفة بأمير الجيوش معروفة بأمير الجيوش بدر الجمالي وزير الخليفة المستنصر، وهي من باب حارة برجوان إلى قريب الجامع الحاكمي، وهكذا تشهد مكاتيب دور حارة برجوان القديمة، فإنّ فيها والحدّ القبليّ ينتهي إلى سويقة أمير الجيوش، وسوق حارة برجوان هو في الحدّ القبليّ من حارة برجوان، وأدركت سوق حارة برجوان أعظم أسواق القاهرة، ما برحنا ونحن شباب نفاخر بحارة برجوان سكان جميع حارات القاهرة فنقول: بحارة برجوان حمّامات، يعني حمامي الرومي وحمام سويد فإنه كان يدخل إليها من داخل الحارة، وبها فرنان، ولها السوق الذي لا يحتاج ساكنها إلى غيره، وكان هذا السوق من سوق خان الروّاسين إلى سوق الشماعين، معمور الجانبين بالعدّة الوافرة من بياعي لحم الضأن السليخ، وبياعي اللحم السميط، وبياعي اللحم البقري، وبه عدّة كثيرة من الزياتين، وكثير من الجبانين والخبازين واللبانين والطباخين والشوّايين والبواردية والعطارين والخضريين، وكثير من بياعي الأمتعة، حتى أنه كان به حانوت لا يباع فيه إلّا حوائج المائدة وهي: البقل والكرّاث والشمار والنعناع، وحانوت لا يباع فيه إلا الشيرج والقطن فقط برسم تعمير القناديل التي تسرج في الليل. وسمعت من أدركت أنه كان يشتري من هذا الحانوت في كل ليلة شيرج مما يوضع في القناديل بثلاثين درهما فضة، عنها يومئذ دينار ونصف.
وكان يوجد بهذا السوق لحم الضأن النيء والمطبوخ إلى ثلث الليل الأوّل، ومن قبل طلوع الفجر بساعة، وقد خرب أكثر حوانيت هذا السوق، ولم يبق لها أثر، وتعطل بأسره بعد سنة ست وثمانمائة، وصار أوحش من وتد في قاع بعد أن كان الإنسان لا يستطيع أن يمرّ فيه من ازدحام الناس ليلا ونهارا إلّا بمشقة، وكان فيه قبانيّ برسم وزن الأمتعة والمال والبضائع، لا يتفرّغ من الوزن ولا يزال مشغولا به، ومعه من يستحثه ليزن له. فلما كان بعد سنة عشر وثمانمائة أنشأ الأمير طوغان الدوادار بهذا السوق مدرسة وعمّر ربعا وحوانيت، فتحابي بعض الشيء وقبض على طوغان في سنة ست عشرة وثمانمائة، ولم تكمل عمارة السوق وفيه الآن بقية يسيرة.
سوق الشماعين: هذا السوق من الجامع الأقمر إلى سوق الدجاجين، كان يعرف في الدولة الفاطمية بسوق القماحين، وعنده بنى المأمون بن البطائحي الجامع الأقمر باسم الخليفة الآمر بأحكام الله، وبنى تحت الجامع دكاكين ومخازن من جهة باب الفتوح،