للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيخ المحموديّ، وخروجهما ببلاد الشام عن طاعته، فتردّد لمحاربتهما مرارا حتى هزماه ثم قتلاه بدمشق، في ليلة السبت سادس عشر صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة، فكانت مدّته منذ مات أبوه إلى أن فرّ في يوم الأحد خامس عشري ربيع الأول سنة ثمان وثمانمائة، واختفى، وأقيم بعده أخوه عبد العزيز، ولقب الملك المنصور ست سنين وخمسة أشهر وأحد عشر يوما، وأقام الناصر في الاختفاء سبعين يوما ثم ظهر في يوم السبت خامس عشر جمادي الآخرة، واستولى على قلعة الجبل واستبدّ بملكه أقبح استبداد، إلى أن توجه لحرب نوروز وشيخ وقاتلهما على اللجون، في يوم الاثنين ثالث عشر المحرّم، سنة خمس عشرة، فانهزم إلى دمشق وهما في إثره، وقد صار الخليفة المستعين بالله في قبضتهما ومعه مباشر والدولة، فنزلا على دمشق وحصراه، ثم ألزما الخليفة بخلعة من السلطنة فلم يجد بدّا من ذلك وخلعه في يوم السبت خامس عشرية، ونودي بذلك في الناس، فكانت مدّته الثانية ست سنين وعشرة أشهر سواء.

وأقيم من بعده الخليفة المستعين بالله أمير المؤمنين أبو الفضل العباس بن محمد العباسي: وأصل هؤلاء الخلفاء بمصر، أنّ أمير المؤمنين المستعصم بالله عبد الله آخر خلفاء بني العباس، لما قتله هولاكو بن تولي بن جنكزخان في صفر سنة ست وخمسين وستمائة ببغداد وخلت الدنيا من خليفة، وصار الناس بغير إمام قرشيّ إلى سنة تسع وخمسين، فقدم الأمير أبو القاسم أحمد بن الخليفة الظاهر أبي نصر محمد بن الخليفة الناصر العباسيّ من بغداد إلى مصر، في يوم الخميس تاسع رجب منها، فركب السلطان الملك الظاهر بيبرس إلى لقائه وصعد به قلعة الجبل، وقام بما يجب من حقه وبايعه بالخلافة وبايعه الناس، وتلقب بالمستنصر، ثم توجّه لقتال التتر ببغداد فقتل في محاربتهم، لأيام خلت من المحرّم سنة ستين وستمائة، فكانت خلافته قريبا من سنة.

ثم قدم من بعده الأمير أبو العباس أحمد بن أبي عليّ الحسن بن أبي بكر من ذرية الخليفة الراشد بالله أبي جعفر منصور بن المسترشد، في سابع عشري ربيع الأوّل، فأنزله السلطان في برج بقلعة الجبل وأجرى عليه ما يحتاج إليه، ثم بايعه في يوم الخميس ثامن المحرّم سنة إحدى وستين بعد ما أثبت نسبه على قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز، ولقّبه بالحاكم بأمر الله، وبايعه الناس كافة، ثم خطب من الغد وصلى بالناس الجمعة في جامع القلعة، ودعي له من يومئذ على منابر أراضي مصر كلها قبل الدعاء للسلطان، ثم خطب له على منابر الشام، واستمرّ الحال على الدعاء له ولمن جاء من بعده من الخلفاء، وما زال بالبرج إلى أن منعه السلطان من الاجتماع بالناس في المحرّم سنة ثلاث وستين، فاحتجب وصار كالمسجون زيادة على سبع وعشرين سنة، بقية أيام الظاهر بيبرس وأيام ولديه محمد بركة وسلامش، وأيام قلاون. فلما صارت السلطنة إلى الأشرف خليل بن قلاون أخرجه من سجنه مكرّما، في يوم الجمعة العشرين من شهر رمضان، سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>