للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم الرهاويون الذين كانوا بنواحي حرّان وغير هؤلاء. فمنهم من مذهبه مذهب الحرّانية، ومنهم من يقول بالنور والظلمة، والثنوية كلهم يقرّون بنبوّة المسيح عليه السلام ومنهم من يعتقد مذهب أرسطاطاليس. والملكانية واليعقوبية والنسطورية متفقون على أن معبودهم ثلاثة أقانيم»

، وهذه الأقانيم الثلاثة شيء واحد، وهو جوهر قديم، ومعناه أب وابن وروح القدس إله واحد، وأن الابن نزل من السماء فتدرّع جسدا من مريم، وظهر للناس يحيي ويبروئ وينبي، ثم قتّل وصلب وخرج من القبر لثلاث، فظهر لقوم من أصحابه فعرفوه حق معرفته، ثم صعد إلى السماء فجلس عن يمين أبيه هذا الذي يجمعهم اعتقاده، ثم إنهم يختلفون في العبارة عنه.

فمنهم من يزعم أنّ القديم جوهر واحد يجمعه ثلاثة أقانيم، كل أقنوم منها جوهر خاص، فأحد هذه الأقانيم أب واحد غير مولود، والثالث روح فائضة منبثقة بين الأب والابن، وأن الابن لم يزل مولودا من الأب، وأن الأب لم يزل والدا للابن، لا على جهة النكاح والتناسل، لكن على جهة تولد ضياء الشمس من ذات الشمس، وتولد حرّ النار من ذات النار.

ومنهم من يزعم أن معنى قولهم إن الإله ثلاثة أقانيم، أنها ذات لها حياة ونطق، فالحياة هي روح القدس، والنطق هو العلم والحكمة، ... «٢» والنطق والعلم والحكمة والكلمة عبارة عن الابن، كما يقال الشمس وضياؤها، والنار وحرّها، فهو عبارة عن ثلاثة أشياء ترجع إلى أصل واحد.

ومنهم من يزعم أنه لا يصحّ له أن يثبت الإله فاعلا حكيما، إلّا أنه يثبته حيا ناطقا، ومعنى الناطق عندهم العالم المميز، لا الذي يخرج الصوت بالحروف المركبة، ومعنى الحيّ عندهم من له حياة بها يكون حيا، ومعنى العالم من له علم به يكون عالما. قالوا فذاته وعلمه وحياته ثلاثة أشياء والأصل واحد، فالذات هي العلة للاثنين اللذين هما العلم والحياة، والاثنان هما المعلولان للعلة، ومنهم من يتنزه عن لفظ العلة والمعلول في صفة القديم، ويقول أب وابن ووالدة وروح وحياة وعلم وحكمة ونطق. قالوا والابن اتحد بإنسان مخلوق، فصار هو وما اتحد به مسيحا واحدا، وأن المسيح هو إله العباد وربهم، ثم اختلفوا في صفة الاتحاد، فزعم بعضهم أنه وقع بين جوهر لاهوتيّ وجوهر ناسوتيّ اتحاد، فصارا مسيحا واحدا، ولم يخرج الاتحاد كلّ واحد منهما عن جوهريته وعنصره، وأن المسيح إله معبود، وأنه ابن مريم الذي حملته وولدته، وأنه قتل وصلب، وزعم قوم أن المسيح بعد الاتحاد جوهران، أحدهما لاهوتيّ والآخر ناسوتيّ، وأن القتل والصلب وقعا به من جهة

<<  <  ج: ص:  >  >>