للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر خرّبوا هناك قرى عديدة، وكانت فراعنة مصر تغزوهم وتوادعهم أحيانا لحاجتهم إلى المعادن، وكذلك الروم لما أن ملكوا مصر، ولهم في المعادن آثار مشهورة، وكان أصحابهم بها وقد فتحت مصر.

قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: وتجمع لعبد الله بن سعد بن أبي سرح، في انصرافه من النوبة على شاطىء النيل البجة، فسأل عن شأنهم؟ فأخبر: أن ليس لهم ملك يرجعون إليه، فهان عليه أمرهم، وتركهم، فلم يكن لهم عقد ولا صلح، وكان أوّل من هادنهم عبيد الله بن الحبحاب السلوليّ، ويذكر أنه وجد في كتاب ابن الحبحاب، لهم ثلثمائة بكر في كل عام حين ينزلون الريف مجتازين تجارا غير مقيمين على أن لا يقتلوا مسلما، ولا ذميّا، فإن قتلاه فلا عهد لهم، ولا يؤوا عبيد المسلمين، وأن يردّوا آبقيهم إذا وقعوا إليهم.

ويقال: إنهم كانوا يؤاخذون بهذا وبكل شاة أخذها البجاوي فعليه أربعة دنانير، وللبقرة عشرة، وكان وكيلهم مقيما بالريف رهينة بيد المسلمين، ثم كثر المسلمون في المعدن فخالطوهم وتزوّجوا فيهم، وأسلم كثير من الجنس المعروف بالحدارب إسلاما ضعيفا، وهم شوكة القوم، ووجوههم، وهم مما يلي مصر من أوّل حدّهم إلى العلاقي، وعيذاب المعبر منه إلى جدّة وما وراء ذلك، ومنهم جنس آخر يعرفون بالرنافج هم أكثر عددا من الحدارب غير أنهم تبع لهم وخفراؤهم يحمونهم ويحبونهم المواشي ولكل رئيس من الحدارب، قوم من الرنافج في حملته، فهم كالعبيد يتوارثونهم بعد أن كانت الرنافج قديما أظهر عليهم، ثم كثرت أذيتهم على المسلمين، وكان ولاة أسوان من العراق، فرفع إلى أمير المؤمنين المأمون خبرهم، فأخرج إليهم عبد الله بن الجهم، فكانت له معهم وقائع، ثم وادعهم، وكتب بينه وبين ركنون رئيسهم الكبير الذي يكون بقريتهم، هجر المقدّم ذكرها كتابا نسخته: هذا كتاب، كتبه عبد الله بن الجهم مولى أمير المؤمنين صاحب جيش الغزاة عامل الأمير أبي إسحاق بن أمير المؤمنين الرشيد أبقاه الله في شهر ربيع الأوّل سنة ست عشرة ومائتين، لكنون بن عبد العزيز عظيم البجة بأسوان، إنك سألتني وطلبت إليّ أن أؤمنك وأهل بلدك من البجة، وأعقد لك ولهم أمانا عليّ، وعلى جميع المسلمين، فأجبتك إلى أن عقدت لك، وعلى جميع المسلمين أمانا ما استقمت، واستقاموا على ما أعطيتني، وشرطت لي في كتابي هذا، وذلك أن يكون سهل بلدك وجبلها من منتهى حدّ أسوان من أرض مصر إلى حدّ ما بين دهلك «١» وباضع «٢» ملكا للمأمون عبد الله بن هارون أمير المؤمنين أعزه الله تعالى، وأنت وجميع أهل بلدك عبيد لأمير المؤمنين إلا أنك تكون في

<<  <  ج: ص:  >  >>