للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه جهز ابنه أبا القاسم في سنة ست وثلثمائة على جيش إلى مصر، فأخذ الإسكندرية، وملك جزيرة الأشمونين، وكثيرا من صعيد مصر، وكانت هناك حروب مع عساكر مصر والعراق، ثم عاد إلى المغرب، وخرج أبو القاسم في سنة خمس عشرة بالجيوش إلى المغرب، فحارب قوما وعاد، فمات عبيد الله في ليلة الثلاثاء منتصف شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة بالمهدية من القيروان عن ثلاث وستين سنة، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وشهرا وعشرين يوما، ولما مات: أخفى ابنه موته.

وقام من بعد عبيد الله المهديّ وليّ عهده: القائم بأمر الله أبو القاسم محمد، ويقال:

كان اسمه بالمشرق: عبد الرحمن، فتسمى في بلاد المغرب: بمحمد، وذلك بسلمية في المحرّم سنة ثمانين ومائتين، فلما فرغ من جميع ما يريده، وتمكن أظهر موت أبيه، واستقل بالأمر، وله سبع وأربعون سنة، وتبع سيرة أبيه وثار عليه جماعة، فظفر بهم وبث جيوشه في البرّ والبحر، فسبوا وغنموا من بلد جنوة، وبعث جيشا إلى مصر، فملكوا الإسكندرية والإخشيد يومئذ أمير مصر، فلما كان في سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة، خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كندار «١» النكاريّ الخارجيّ بإفريقية، واشتدّت شوكته، وكثرت أتباعه، وهزم جيوش القائم غير مرّة، وكان مذهبه تكفير أهل الملة، وإراقة دمائهم ديانة، فملك باجة»

، وحرّقها، وقتل الأطفال، وسبى النسوان، ثم ملك القيروان، فاضطرب القائم، وخاف الناس وهموا بالنقلة من زويلة، وقوي أمر أبي يزيد، ونازل المهدية، وحصر القائم بها، وكاد أن يغلب عليها، فلما بلغ المصلى حيث أشار المهديّ أنه يصل هزمه أصحاب القائم، وقتلوا كثيرا من أصحابه، وكانت له قصص، وأنباء إلى أن مات القائم لثلاث عشرة خلت من شوّال سنة أربع وثلاثين وثلثمائة عن أربع وخمسين سنة وتسعة أشهر، ولم يرق منبرا، ولا ركب دابة لصيد مدّة خلافته، حتى مات وصلى مرّة على جنازة، وصلى بالناس العيد مرّة واحدة، وكانت مدّة خلافته اثنتي عشرة سنة وستة أشهر وأياما، وترك أبا الظاهر إسماعيل، وأبا عبد الله جعفرا، وحمزة وعدنان، وعدّة أخر.

وقام من بعده ابنه: المنصور بنصر الله أبو الظاهر إسماعيل، وكتم موت أبيه خوفا أن يعلم أبو يزيد فإنه كان قريبا منه، وأبقى الأمور على حالها، ولم يتسمّ بالخليفة، ولا غير السكة، ولا الخطبة ولا البنود، وجدّ في حرب أبي يزيد حتى ظفر به وحمل إليه، فمات من جراحات كانت به سلخ المحرّم سنة ست وثلاثين وثلثمائة، ولم يزل المنصور إلى أن مات سلخ شوّال سنة إحدى وأربعين وثلثمائة عن إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر، وكانت

<<  <  ج: ص:  >  >>