بإطلاقها، وفي العاشر من الشهر المذكور يعني شهر رجب، وفي النيل: ستة عشر ذراعا، فتوجه المأمون إلى صناعة العمائر بمصر، ورميت العشاريات بين يديه وقد حدّدت وزينت جميعها بالستور الديبقيّ الملوّنة، والكوامخ «١» ، والأهلة الذهب والفضة، وشمل الإنعام أرباب الرسوم على عادتهم، وعدّى في إحدى العشاريات إلى المقياس، وخلّق العمود بما جرت به عادتهم من الطيب وفرّقت رسوم الإطلاق، وانكفأ إلى دار الذهب، وأمر بإطلاق ما يخص المبيت في المقياس بجميع الشهود والمتصدّرين، وهي العشرات من الخبز: عشرة قناطير، وعشرة خراف شوي، وعشر جامات حلوى، وعشر شمعات وأوّل من يحضر المبيت: الشريف الخطيب سيد المقرّبين، وإمام المتصدّرين، وله وللجماعة من الدراهم التي تفرّق أوفى نصيب.
قال: وخرج الخليفة بزي الخلافة، ووقارها وناموسها بالثياب الطميم التي تذهل الأبصار والمنديل بالشدّة العربية التي ينفرد بلباسها في الأعياد، والمواسم خاصة لا على الدوام، وكانت تسمى عندهم: شدّة الوقار مرصعة بغالي الياقوت والزمرذ والجوهر، وعند لباسها تخفق لها الأعلام، ويتجنب الكلام، ويهاب ولا يكون سلام قريب منه، وخليل غير الوزير إلّا بتقبيل الأرض من بعيد من غير دنوّ، ثم بين يديه من مقدّمي خزائنه من يحمل سيفه، ورمحه المرصعين بأفخر ما يكون ثم المذاب التي كل منها عمودها ذهب، وينفرد بحملها الصقالبة، ويمشي بين الصفين المرتبين راجلا على بسط حرير فرشت له، وكل من الصفين يتناهى في مواصلة تقبيل الأرض إلى أن وصل إلى مجلس خلافته، وصعد على الكرسي المغشى بالديباج المنصوب رسم ركوبه، وقد صفّت الروّاض، وأزمّة الاصطبلات خيل المظلة بعد أن أزالت الأغشية الحرير، والشقق الديبقيّ المذهبة عن السروج، وبقيت كما وصفها الله تعالى في كتابه، فقدّم إليه ما وقع اختياره عليه، وأمر بأن يجنب البقية في الموكب بين يديه.
ولما علا ما قدّم إليه استفتح مقرئو الحضرة، وتسلم جميع مقدّمي الركاب ركابه، والروّاض الشكيمة، وزال حكم الأستاذين المستخدمين في الركاب، وعادت الموالي والأقارب إلى محالهم، واستدعي بالوزير بجميع نعوته فواصل تقبيل الأرض إلى أن قبل ركابه، وشرّفه بتقبيل يده بحكم خلوّها من قضيب الملك في هذه المواسم، ولما أدّى ما يجب من فرض السلام، أخذ السيف من الأمير افتخار الدولة أحد الأمراء الأستاذين المميزين المحنكين متولي خزانة الكسوة الخاص، وسلّمه بعد أن قبّله لأخيه الذي يتولى حمله في الموكب بعد أن أرخيت عذبته تشريفا له مدّة حمله خاصة، وترفع بعد ذلك، وشدّ