للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من القاهرة في سنة ثلاثين وسبعمائة؛ وكانت فتنة بمكة قتل فيها ألدمر يوم الجمعة رابع عشر ذي الحجة فأشيع في هذا اليوم بعينه في القاهرة ومصر وقلعة الجبل بأنّ وقعة كانت بمكة قتل فيها ألدمر فطار هذا الخبر في ريف مصر واشتهر، فلم يكترث الملك الناصر محمد بن قلاوون «١» بهذا الخبر. فلما قدم المبشرون على العادة أخبروا بالواقعة. وقتل الأمير سيف الدين ألدمر في ذلك اليوم الذي كانت الإشاعة فيه بالقاهرة. قال جامع السيرة الناصرية:

كنت مع الأمير علم الدين الخازن في الغربية وقد خرج إليها كاشفا، فلما صليت أنا وهو صلاة الجمعة، وعدنا إلى البيت قدم بعض غلمانه من القاهرة فأخبرنا أنه أشيع بأن فتنة كانت بمكة، قتل فيها جماعة من الأجناد، وقتل فيها الأمير ألدمر أمير جندار. فقال له الأمير علم الدين: هل حضر أحد من الحجاز بهذا الخبر؟ قال: لا، فقال: ويحك، الناس ما تحضر من منى بمكة إلا ثالث يوم بعد عيد النحر، فكيف سمعتم هذا الخبر الذي لا يسمعه عاقل؟

فقال: قد استفيض ذلك وكان الأمر كما أشيع.

ووقع لي في شهر رمضان من شهور سنة إحدى وتسعين وسبعمائة؛ أني مررت في الشارع بين القصرين بالقاهرة بعد العتمة فإذا العامّة تتحدّث بأن الملك الظاهر «٢» برقوق خرج من سجنه بالكرك واجتمع عليه الناس فضبطت ذلك، فكان اليوم الذي خرج فيه من السجن وفي هذا الباب من هذا كثير.

ومن أخلاق أهل مصر: قلة الغيرة وكفاك ما قصه الله سبحانه وتعالى من خبر يوسف عليه السلام ومراودة امرأة العزيز له عن نفسه، وشهادة شاهد من أهلها عليها بما بيّن لزوجها منها السوء، فلم يعاقبها على ذلك بسوى قوله: اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ

[يوسف/ ٢٩] .

وقال ابن عبد الحكم: وكان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم، مع فرعون ولم يبق إلا العبيد والأجراء لم يصبروا عن الرجال فطفقت المرأة تعتق عبدها، وتتزوّجه. وتتزوّج الأخرى أجيرها وشرطن على الرجال أن لا يفعلوا شيئا إلا بإذنهنّ، فأجابوهنّ إلى ذلك.

فكان أمر النساء على الرجال.

فحدّثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب: أن نساء القبط على ذلك إلى اليوم إتباعا

<<  <  ج: ص:  >  >>