حتى آتيكم، فركب فرسه، وارتدف الغلام خلفه، وأخذ رمحه حتى يأتى حجرا، فلمّا رآها عرف أنّها أرض لها شأن، فوضع رمحه فى الأرض، ثم دفع الفرس، فاحتجر على ثلاثين دارا وثلاثين حديقة، فسمّيت حجيرته حجرا، فهى حجر اليمامة. وقال فى ذلك شعرا:
حللنا بدار كان فيها أنيسها ... فبادوا وخلّوا ذات شيد حصونها
فصاروا قطينا للفلاة بغربة ... رميما وصرنا فى الديار قطينها
قال: وكان لبكر بن وائل صنم يقال له عوض؛ ويقال: بل عوض الدّهر، وقد جاء فيه شعر «٢» .
قال رجل من عنزة قديم، يخبر أنّ عوضا صنم لبكر كلّها.
حلفت بمائرات حول عوض ... وأنصاب تركن لدى السّعير «٣»
أجوب «٤» الدّهر أرضا شطر عمرو ... ولا يلفى بساحتها بعيرى
ثم ركز عبيد رمحه فى وسطها، ثم رجع إلى أهله فاحتملهم، ووضعهم بها. فلمّا رآه جاره الزّبيدىّ قال: يا عبيد، الشّرك. قال: لا، بل الرّضا.
قال: ما بعد الرّضا إلّا السّخط. فقال: عليك بتلك القريّة، على نصف فرسخ من حجر، فمكث الزّبيدىّ أيّاما، ثم غرض، فأتى عبيدا وقال: عوّضنى شيئا، فإنى خارج وتارك ما هاهنا، فأعطاه ثلاثين بكرا، ثم خرج ولحق بأهله، فتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل، بما أصاب عبيد بن ثعلبة،