بثلاث مئة رجل أو أربع مئة، يرمون مثل رميك، فجاءه بهم، فكانوا يكونون عنده، وجعلهم مراصد على الطريق، فيما بينه وبين الفرات، لئلّا يعبره أحد عليهم. قال: وكان ما بين المدائن إلى نهر الملك، مرج واحد من البساتين، لا حائط له «١» . قال: فخرجت سيرين ومعها جواريها، وأصلها رومىّ، فعرض لها رجل من الإياديّين، يقال له الأحمر، وكان معه صاحب له، فعبثا بهنّ، قال: فجعلتهما العرب الأحمرين، قال راجزهم:
الاحمران أهلكا إيادا ... وحرما قومهما السّوادا
قال: فشكوا ذلك إلى كسرى، فبعث إليهم عدّتهم من الفرس، وهرب الأحمران، فأنذرا أصحابهما، فلحقتهم الفرس وقد عبروا دجلة، وقد كان قال لهم كسرى: خذوهم أخذا. قال: فلحقوهم، فجثا الإياديّون على الرّكب، فرموا رشقا واحدا، فأعموهم جميعا، فأخبر كسرى بذلك، فبعث إليهم الخيل، وأمر لقيط بن يعمر «٢» بن خارجة بن عوبثان الإيادى، وكان محبوسا عند كسرى، أن يكتب إلى من كان من شداد قومه، فيما بينه وبين الجزيرة، أن يقبلوا إلى قومهم، فيجتمعوا، ليغير على إياد كلّهم، فيقتلهم. قال: فكتب لقيط إلى قومه ينذرهم كسرى، ويحذّرهم إيّاه:
سلام «٣» فى الصّحيفة من لقيط ... على «٤» من بالجزيرة من إياد
بأنّ اللّيث يأتيكم دليفا ... فلا يشغلكم سوق النّقاد «٥»