للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبابة. يرفعها إلى السماء وينكتها (١) إلى الناس: "اللهم اشهد. اللهم اشهد"، ثلاث مرات.

ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله ، حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات (٢)، وجعل جبل المشاة بين يديه (٣)، واستقبل القبلة. فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص (٤)، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله وقد شنق للقصواء (٥) الزمام. حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله (٦)، ويقول بيده اليمنى (٧) "يا أيها الناس، السكينة السكينة" (٨) كلما أتى حبلًا من الحبال (٩) أرخى لها (١٠) قليلًا، حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحدة وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا (١١) ثم اضطجع رسول الله حتى طلع الفجر، وصلى الفجر، حين تبين له الصبح. بأذان وإقامة.

ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام, فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدًّا (١٢)، فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلًا حسن الشعر أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله مرت به ظعن بجرين (١٣)، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع


(١) ينكتها: يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرًا إليهم.
(٢) الصخرات: صخرات في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات. فهذا هو الموقف المستحب.
(٣) جبل المشاة: مجتمعهم، وقيل جبل المشاة: ومعناه طريقهم حيث متسلك الرجالة.
(٤) حتى غاب القرص: حتى غابت الشمس وذهبت الصخرة.
(٥) وقد شنق للقصواء: ضم وضيق.
(٦) مورك رحله: هو قطعة أدم يتورك عليها الراكب تجعل في مقدمة الرحل شبه المخدة الصغيرة.
(٧) ويقول بيده: يشير بيده.
(٨) السكينة: أي الزموا السكينة. وهي الرفق والطمأنينة.
(٩) كلما أتى حبلًا من الحبال: الحبل: التل العظيم من الرمل.
(١٠) أرخى لها: أرسل زمام القصواء قليلًا.
(١١) ولم يسبح بينهما شيئًا: أي لم يصل بينهما نافلة.
(١٢) حتى أسفر جدًّا: حتى قاربت الشمس على الطلوع.
(١٣) مرت به ظعن بجرين: الجمال التي تحمل النساء.

<<  <   >  >>