صَاحِبُ التَّلْخِيصِ فِي اللَّبَنِ.
(وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهُ) أَيْ: الصُّوفِ أَوْ الْوَبَرِ أَوْ الشَّعْرِ (أَنْفَعَ لَهَا، لِكَوْنِهِ يَقِيهَا الْحَرَّ وَالْبَرْدَ لَمْ يَجُزْ جَزُّهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ بَعْضِ أَعْضَائِهَا) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا (وَلَا يُعْطِي الْجَزَّارَ شَيْئًا مِنْهَا أُجْرَةً) لِلْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّهُ بَيْعٌ لِبَعْضِ لَحْمِهَا وَلَا يَصِحُّ (بَلْ) يُعْطِيهِ مِنْهَا (هَدِيَّةً وَصَدَقَةً) ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَهَا وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهَا.
(وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا وَجِلِّهَا) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا وَجِلَالِهَا؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ جُزْءٌ مِنْهَا فَجَازَ لِلْمُضَحِّي الِانْتِفَاعُ كَاللَّحْمِ وَكَانَ عَلْقَمَةُ وَمَسْرُوقٌ يَدْبُغَانِ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِمَا وَيُصَلِّيَانِ عَلَيْهِ وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ كَانُوا يَنْتَفِعُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ يَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ، قَالَ وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَتْ: نَهَيْت عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ قَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لِلدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَتَزَوَّدُوا وَتَصَدَّقُوا» حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِهِ فَجَازَ كَلَحْمِهَا (أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِمَا) أَيْ: بِالْجِلْدِ وَالْجِلِّ.
(وَيَحْرُمُ بَيْعُهُمَا) أَيْ: بَيْعِ الْجِلْدِ وَالْجِلِّ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلِّهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدَنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَ) يَحْرُمُ (بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: الذَّبِيحَةِ، هَدْيًا كَانَتْ أَوْ أُضْحِيَّةً (وَلَوْ كَانَتْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ بِالذَّبْحِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ «وَلَا تَبِيعُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ وَالْهَدْيِ، وَتَصَدَّقُوا وَاسْتَمْتِعُوا بِجُلُودِهَا» قَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قَالُوا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَجُلُودُ الْأُضْحِيَّةِ نُعْطِيهَا السَّلَّاخَ؟ قَالَ: لَا، وَحَكَى قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُعْطِ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا مِنْهَا» قَالَ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
(وَإِنْ عَيَّنَ أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا فَسُرِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ عَيَّنَهُ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ) كَانَ وُجُوبُهُ فِي الذِّمَّةِ (بِالنَّذْرِ) بِأَنَّهُ نَذَرَ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً ثُمَّ عَيَّنَ عَنْهُ مَا يُجْزِئُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ فَسُرِقَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَلَمْ يَتَعَدَّ، وَلَمْ يُفَرِّطْ فَلَمْ يَضْمَنْ كَالْوَدِيعَةِ.
(وَإِنْ تَلِفَتْ) الْمُعَيَّنَةُ هَدْيًا كَانَتْ أَوْ أُضْحِيَّةً (أُضْحِيَّةً وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَلَّتْ قَبْلَهُ) أَيْ: الذَّبْحِ (فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
(وَإِنْ عَيَّنَ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ) مَا يُجْزِئُ فِيهِ كَالْمُتَمَتِّعِ يُعَيِّنُ دَمَ التَّمَتُّعِ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ عَيَّنَ هَدْيًا بِنَذْرِهِ فِي ذِمَّتِهِ (وَتَعَيَّبَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute