للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا عَيَّنَهُ عَنْ ذَلِكَ (أَوْ تَلِفَ أَوْ ضَلَّ، أَوْ عَطِبَ أَوْ سُرِقَ وَنَحْوُهُ) كَمَا لَوْ غُصِبَ (لَمْ يُجْزِئْهُ) ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَمْ تَبْرَأْ مِنْ الْوَاجِبِ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ عَنْهُ كَالدَّيْنِ يَضْمَنُهُ ضَامِنٌ، أَوْ يَرْهَنُ بِهِ رَهْنًا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِالضَّامِنِ وَالرَّهْنِ مَعَ بَقَائِهِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ؟ مَتَى تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الضَّامِنِ، أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ، بَقِيَ الْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ بِحَالِهِ.

(وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ) أَيْ: بَدَلِ مَا تَعَيَّبَ وَتَلِفَ أَوْ ضَلَّ أَوْ عَطِبَ أَوْ سُرِقَ وَنَحْوُهُ إذَا كَانَ عَيَّنَهُ عَنْ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ (وَيَكُونُ أَفْضَلَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ تَلَفُهُ بِتَفْرِيطِهِ) هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى.

قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ وَمَعْنَاهُ: إذَا عَيَّنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَزْيَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الَّذِي تَلِفَ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِمَا عَيَّنَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ أَزْيَدُ، فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ، وَهُوَ أَزْيَدُ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا.

" تَتِمَّةٌ " لَوْ ضَحَّى اثْنَانِ كُلٌّ بِأُضْحِيَّةِ الْآخَرِ عَنْ نَفْسِهِ غَلَطًا كَفَتْهُمَا وَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ ضَمَانُهُمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ فِي اثْنَيْنِ ضَحَّى هَذَا بِأُضْحِيَّةِ هَذَا: يَتَرَادَّانِ اللَّحْمَ، إنْ كَانَ مَوْجُودًا، وَيُجْزِئُ وَلَوْ فَرَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَحْمَ مَا ذَبَحَهُ أَجْزَأَ لِإِذْنِ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ.

(وَإِنْ ذَبَحَهَا) أَيْ: الْمُعَيَّنَةَ هَدْيًا أَوْ ضَحِيَّةً (ذَابِحٌ فِي وَقْتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ) رَبِّهَا أَوْ وَلِيِّهِ.

(وَنَوَاهَا عَنْ رَبِّهَا أَوْ أَطْلَقَ أَجْزَأَتْ) عَنْ رَبِّهَا (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الذَّابِحِ) ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ فِعْلٌ لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ، فَإِذَا فَعَلَهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ أَجْزَأَ عَنْ صَاحِبِهِ كَغَسْلِ ثَوْبِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ؛ وَلِأَنَّهَا وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا بِذَبْحِهَا فِي وَقْتِهَا فَلَمْ يَضْمَنْ ذَابِحُهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا؛ وَلِأَنَّ الذَّبْحَ إرَاقَةُ دَمٍ تَعَيَّنَ إرَاقَتُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَضْمَنْ مُرِيقُهُ كَقَاتِلِ الْمُرْتَدِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ.

(وَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ: نَوَى الذَّابِحُ الْأُضْحِيَّةَ (عَنْ نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ لَمْ تُجْزِ مَالِكُهَا) سَوَاءٌ فَرَّقَ الذَّابِحُ اللَّحْمَ أَوْ لَا، وَيَضْمَنُ الذَّابِحُ قِيمَتَهَا إنْ فَرَّقَ لَحْمَهَا، وَأَرْشُ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يُفَرِّقْهُ لِغَصْبِهِ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَإِتْلَافِهِ أَوْ تَنْقِيصِهِ عُدْوَانًا.

(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ ذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ، لِاشْتِبَاهِهَا عَلَيْهِ مَثَلًا (أَجْزَأَتْ عَنْ رَبِّهَا إنْ لَمْ يُفَرِّقْ الذَّابِحُ لَحْمَهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الذَّبْحَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنْ فَرَّقَ اللَّحْمَ إذَنْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَغَيْرُهُ.

(وَإِنْ أَتْلَفَهَا) أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>