(وَلَا تَبَرُّؤٌ) مِنْهُ (فَالْكُلُّ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ لِرِضَاهُمْ بِفِعْلِ أُولَئِكَ، وَإِقْرَارِهِمْ لَهُمْ.
(وَإِنْ أَنْكَرَ مَنْ لَمْ يُنْقِضْ عَلَى الْبَاقِينَ) أَيْ: النَّاقِضِينَ (بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ظَاهِرٍ أَوْ اعْتِزَالٍ) بِأَنْ اعْتَزَلُوا النَّاقِضِينَ (أَوْ رَاسَلَ الْإِمَامَ بِأَنِّي مُنْكِرٌ مَا فَعَلَهُ النَّاقِضُ مُقِيمٌ عَلَى الْعَهْدِ لَمْ يُنْتَقَضْ فِي حَقِّهِ) أَيْ: حَقِّ مَنْ أَنْكَرَ وَفَعَلَ مَا سَبَقَ، لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي نَقْضَهُ مِنْهُ (وَيَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِالتَّمْيِيزِ لِيَأْخُذَ النَّاقِضُ وَحْدَهُ) لِنَقْضِ عَهْدِهِ (فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّمْيِيزِ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ) أَيْ: عَهْدُ الْمُنْكِرِ لِمَا فَعَلَهُ النَّاقِضُ.
وَفِي الشَّرْحِ: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّمْيِيزِ أَوْ إسْلَامِ النَّاقِضِ صَارَ نَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ أَخْذِ النَّاقِضِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّمْيِيزُ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأَسِيرِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ فِي آخِرِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ: وَكَذَا أَيْ: فِي نَقْضِ الْعَهْدِ مَنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَعْتَزِلْهُمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمْ الْإِمَامُ.
وَفِي الْمُنْتَهَى، وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَبَوْهُمَا أَيْ: التَّسْلِيمَ وَالتَّمْيِيزَ حَالَ كَوْنِهِمْ قَادِرِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتَقَضَ عَهْدُ الْكُلِّ بِذَلِكَ (فَإِنْ أَسَرَ الْإِمَامُ مِنْهُمْ) أَيْ: مِمَّنْ وَقَعَ النَّقْضُ مِنْ بَعْضِهِمْ (قَوْمًا فَادَّعَى الْأَسِيرُ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ) الْعَهْدَ (وَأُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (قُبِلَ قَوْلُ الْأَسِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا مِنْهُمْ.
(وَإِنْ شَرَطَ) الْعَاقِدُ لِلْهُدْنَةِ (فِيهَا شَرْطًا فَاسِدًا كَنَقْضِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ رَدِّ النِّسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ) إلَيْهِمْ بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ لِمُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ قَدْ مَنَعَ الصُّلْحَ فِي النِّسَاءِ» ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا وَلَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَفِرَّ (أَوْ) رَدَّ (صَدَاقَتِهِنَّ) بَطَلَ الشَّرْطُ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] فَقَالَ قَتَادَةَ نُسِخَ.
وَقَالَ عَطَاءُ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ لَا يُعْمَلُ بِهَا الْيَوْمَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِي قَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَهُ مُسْلِمًا (أَوْ رَدَّ صَبِيٍّ عَاقِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ فِي ضَعْفِ الْعَقْلِ وَالْعَجْزِ عَنْ التَّخَلُّصِ وَالْهَرَبِ (أَوْ رَدَّ الرِّجَالِ) الْمُسْلِمِينَ (مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ أَوْ رَدَّ سِلَاحِهِمْ، أَوْ إعْطَائِهِمْ شَيْئًا مِنْ سِلَاحِنَا أَوْ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ أَوْ شَرَطَ لَهُمْ مَالًا) مِنَّا (فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ أَوْ إدْخَالُهُمْ الْحَرَمَ بَطَلَ الشَّرْطُ) فِي الْكُلِّ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: ٢٨] (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ، وَكَذَا عَقْدُ الذِّمَّةِ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ، لَكِنْ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute