الضَّمَانَ لَمْ يُغَيِّرْهُ الشَّرْطُ كَالْمَقْبُوضِ بِبَيْعٍ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْعَارِيَّةُ (مِثْلِيَّةً) وَتَلِفَتْ (فَ) ضَمَانُهَا (بِمِثْلِهَا) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ الْقِيمَةِ (وَكُلُّ مَا كَانَ أَمَانَةً) لَا يَزُولُ عَنْ حُكْمِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ (أَوْ) كَانَ (مَضْمُونًا لَا يَزُولُ عَنْ حُكْمِهِ بِالشَّرْطِ) لِأَنَّ شَرْطَ خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَاسِدٌ.
(وَلَوْ اسْتَعَارَ وَقْفًا كَكُتُبِ عِلْمٍ وَغَيْرِهَا) كَأَدْرَاعٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْغُزَاةِ (فَتَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) وَلَا تَعَدٍّ (فَلَا ضَمَانَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ ضَمَانِهَا لِكَوْنِ قَبْضِهَا لَيْسَ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْعِهِ، لِكَوْنِ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ وَالْغَزْوِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، أَوْ لِكَوْنِ الْمِلْكِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لَهُ أَشْبَهُ مَا لَوْ سَقَطَتْ قَنْطَرَةٌ مَوْقُوفَةٌ بِسَبَبِ مَشْيِهِ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إذْ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ: أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ مُسْتَعِيرُهُ كَالْمُطْلَقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ.
(وَإِنْ كَانَ) اسْتَعَارَ كُتُبَ الْعِلْمِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوَهَا (بِرَهْنٍ) وَتَلِفَتْ (رَجَعَ) الرَّهْنُ (إلَى رَبِّهِ) وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فَيَرُدُّ الرَّهْنَ لِرَبِّهِ مُطْلَقًا وَإِنْ فَرَّطَ لِفَسَادِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِتَفْرِيطِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ.
(وَلَوْ أَرْكَبَ دَابَّتَهُ مُنْقَطِعًا لِلَّهِ تَعَالَى فَتَلِفَتْ) الدَّابَّةُ (تَحْتَهُ لَمْ يَضْمَنْ) الْمُنْقَطِعُ الدَّابَّةَ إذْ الْمَالِكُ هُوَ الطَّالِبُ لِرُكُوبِهِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا لَوْ غَطَّى ضَيْفَهُ بِنَحْوِ لِحَافٍ فَتَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ (وَكَذَا رَدِيفُ رَبِّهَا) بِأَنْ أَرْكَبَ إنْسَانًا خَلْفَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ تَحْتَهُمَا لَمْ يَضْمَنْ الرَّدِيفُ شَيْئًا لِأَنَّ الدَّابَّةَ بِيَدِ مَالِكِهَا.
(وَ) وَكَذَا (رَائِضُ) الدَّابَّةِ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُهَا السَّيْرَ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ.
(وَ) كَذَا (وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ رَبِّ الدَّابَّةِ إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَعِيرٍ وَكَذَا حَيَوَانٌ مُوصًى بِنَفْعِهِ إذَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُسْتَحَقٌّ لِقَابِضِهِ.
(وَلَوْ قَالَ) آخِذُ الدَّابَّةِ (لَا أَرْكَبُ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَقَالَ) الدَّافِعُ (لَا آخُذُ أُجْرَةً وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا) وَأَخَذَهَا (فَ) هِيَ عَارِيَّةٌ تَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَبْذُلْهَا إلَّا كَذَلِكَ وَكَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ رَبِّهَا (وَإِنْ تَلِفَتْ أَجْزَاؤُهَا) بِاسْتِعْمَالِهَا بِمَعْرُوفٍ فَلَا ضَمَانَ (أَوْ) تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ (كُلُّهَا بِاسْتِعْمَالٍ) لَهَا (بِمَعْرُوفٍ، كَحَمْلِ مِنْشَفَةٍ وَطِنْفَسَةٍ) بِكَسْرِ نُونٍ فِي اللُّغَةِ الْعَالِيَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ السِّكِّيتِ.
وَفِي لُغَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهِيَ بِسَاطٌ لَهُ خَمْلٌ دَقِيقٌ (وَنَحْوِهِمَا) لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ فِي الْإِتْلَافِ الْحَاصِلِ بِهِ وَمَا أُذِنَ فِي