مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ خَرَجَ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ عَلَى صِفَةِ مَا يُجِيبُهُ عَقِبَهُ.
(فَإِنْ أَجَابَهُ الْمُصَلِّي بَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِالْحَيْعَلَةِ فَقَطْ) أَيْ: إذَا قَالَ السَّامِعُ مُجِيبًا لِلْمُؤَذِّنِ أَوْ الْمُقِيمِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، أَوْ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، دُونَ أَلْفَاظِ بَاقِي الْأَذَانِ لِأَنَّهَا أَقْوَالٌ مَشْرُوعَةٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، بِخِلَافِ الْحَيْعَلَةِ، لِأَنَّهَا خِطَابُ آدَمِيٍّ، وَمِثْلُ الْحَيْعَلَةِ إذَا أَجَابَ فِي التَّثْوِيبِ بِصَدَقْتَ وَبَرِرْت فَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ (إلَّا فِي الْحَيْعَلَةِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَقُولُ (فَيَقُولُ) السَّامِعُ لِلْحَيْعَلَةِ (لَا حَوْلَ) أَيْ: تَحَوُّلَ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ (وَلَا قُوَّةَ) عَلَى ذَلِكَ (إلَّا بِاَللَّهِ) وَقِيلَ: لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إلَّا بِتَوْفِيقِهِ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَجْمَعُ وَأَشْمَلُ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ.
(وَ) يَقُولُ الْمُجِيبُ (عِنْدَ التَّثْوِيبِ) أَيْ: قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي أَذَانِ الْفَجْرِ: " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " (صَدَقْت وَبَرِرْت) بِكَسْرِ الرَّاءِ (وَ) إلَّا (فِي الْإِقَامَةِ) فَيَقُولُ (عِنْدَ لَفْظِهَا أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا) لِمَا رَوَى عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْحَيْعَلَةِ لِأَنَّهَا خِطَابٌ فَإِعَادَتُهُ عَبَثٌ بَلْ سَبِيلُهُ الطَّاعَةُ، وَسُؤَالُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، وَتَكُونُ الْإِجَابَةُ عَقِبَ كُلِّ جُمْلَةٍ لِلْخَبَرِ وَالْأَصْلُ فِي اسْتِحْبَابِ إجَابَةِ الْمُقِيمِ مَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَنْ قَالَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا» .
وَقَالَ فِي سَائِرِ أَلْفَاظِ الْإِقَامَةِ كَنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْأَذَانِ وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّتْ الْإِجَابَةُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، لِيَجْمَعَ بَيْنَ أَجْرِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالْإِجَابَةِ وَالْحَيْعَلَةُ هِيَ قَوْلُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، عَلَى أَخْذِ الْحَاءِ وَالْيَاءِ مِنْ حَيَّ وَالْعَيْنِ وَاللَّامِ مِنْ عَلَى كَمَا يُقَالُ: الْحَوْقَلَةُ فِي لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ عَلَى أَخْذِ الْحَاءِ مِنْ حَوْلَ وَالْقَافِ مِنْ قُوَّةَ وَاللَّامِ مِنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهَا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إلَّا بِمَعُونَتِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ مَا جَاءَ فِيهِ (وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْمُؤَذِّنُ قَدْ شَرَعَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute