أَنَسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قُلْت: وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوَى الْإِمَامَةَ ابْتِدَاءً لِظَنِّهِ حُضُورَهُمْ (وَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ يُبِيحُ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ، كَتَطْوِيلِ إمَامٍ وَ) (كَمَرَضٍ، وَ) كَ (غَلَبَةِ نُعَاسٍ أَوْ) غَلَبَةِ (شَيْءٍ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ) كَمُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ (أَوْ خَوْفٍ عَلَى أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ) خَوْفِ (فَوْتِ رُفْقَةٍ أَوْ خَرَجَ مِنْ الصَّفِّ مَغْلُوبًا) لِشِدَّةِ زِحَامٍ.
(وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَقِفُ مَعَهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأَعْذَارِ (صَحَّ) انْفِرَادُهُ فَيُتِمُّ صَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا لِحَدِيثِ جَابِرٍ «قَالَ: صَلَّى مُعَاذٌ بِقَوْمِهِ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَتَأَخَّرَ رَجُلٌ فَصَلَّى وَحْدَهُ فَقِيلَ لَهُ: نَافَقْتَ: قَالَ مَا نَافَقْتُ، وَلَكِنْ لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُخْبِرُهُ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ مَرَّتَيْنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ وَمَحَلُّ إبَاحَةِ الْمُفَارَقَةِ لِعُذْرٍ (إنْ اسْتَفَادَ) مَنْ فَارَقَ لِتَدَارُكِ شَيْءٍ يَخْشَى فَوْتَهُ، أَوْ غَلَبَةِ نُعَاسٍ، أَوْ خَوْفِ ضَرَرٍ، وَنَحْوِهِ (بِمُفَارَقَتِهِ) إمَامَهُ (تَعْجِيلَ لُحُوقِهِ قَبْلَ فَرَاغِ إمَامِهِ) مِنْ صَلَاتِهِ، لِيَحْصُلَ مَقْصُودُهُ مِنْ الْمُفَارَقَةِ (فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يُعَجِّلُ وَلَا يَتَمَيَّزُ انْفِرَادُهُ عَنْهُ بِنَوْعِ تَعْجِيلٍ لَمْ يَجُزْ) لَهُ الِانْفِرَادُ، لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِيهِ وَأَمَّا مَنْ عُذْرُهُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّفِّ فَلَهُ الْمُفَارَقَةُ مُطْلَقًا.
لِأَنَّ عُذْرَهُ خَوْفُ الْفَسَادِ بِالْفِدْيَةِ وَذَلِكَ يُتَدَارَكُ بِالسُّرْعَةِ (فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَهُوَ) أَيْ: الْمَأْمُومُ (فِي الصَّلَاةِ، فَلَهُ الدُّخُولُ مَعَ الْإِمَامِ) فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَيُتِمُّهُ مَعَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ (فَإِنْ فَارَقَهُ) أَيْ: فَارَقَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ لِعُذْرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (فِي قِيَامٍ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (الْفَاتِحَةَ قَرَأَ) الْمَأْمُومُ لِنَفْسِهِ، لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا قَبْلَ سُقُوطِ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ (وَ) إنْ فَارَقَهُ الْمَأْمُومُ (بَعْدَهَا) أَيْ: بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَ (لَهُ الرُّكُوعُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لِلْمَأْمُومِ.
(وَ) إنْ فَارَقَهُ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: الْقِرَاءَةِ (يُكَمِّلُ مَا بَقِيَ) مِنْ الْفَاتِحَةِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ سِرٍّ) كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ، أَوْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ الْعِشَاءِ مَثَلًا وَفَارَقَ الْإِمَامَ لِعُذْرٍ بَعْدَ قِيَامِهِ.
(وَظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ قَرَأَ لَمْ يَقْرَأْ) أَيْ: لَمْ تَلْزَمْهُ الْقِرَاءَةُ، إقَامَةً لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ قُلْتُ وَالِاحْتِيَاطُ الْقِرَاءَةُ (وَإِنْ فَارَقَهُ) لِعُذْرٍ (فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ) وَقَدْ أَدْرَكَ الْأُولَى مَعَهُ (أَتَمَّ جُمُعَةً) لِأَنَّ الْجُمُعَةَ تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ وَقَدْ أَدْرَكَهَا مَعَ الْإِمَامِ (فَإِنْ فَارَقَهُ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مِنْ الْجُمُعَةِ (فَكَمَزْحُومٍ فِيهَا حَتَّى تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute