للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا فِي مَنَافِعِهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، فَتَجْوِيزُهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِجَائِزٍ.

(وَإِذَا اعْتَكَفَتْ الْمَرْأَةُ اُسْتُحِبَّ لَهَا أَنْ تَسْتَتِرَ بِخِبَاءٍ وَنَحْوِهِ) لِفِعْلِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَتَجْعَلَهُ فِي مَكَان لَا يُصَلِّي فِيهِ الرِّجَالُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التَّحَفُّظِ لَهَا، نَقَلَ أَبُو دَاوُد «يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسَاجِدِ وَيُضْرَبُ لَهُنَّ فِيهَا الْخِيَمُ» (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرِّجَالُ أَيْضًا) ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَلِأَنَّهُ أَخْفَى لِعَمَلِهِمْ وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ: لَا إلَّا لِبَرْدٍ شَدِيدٍ.

(وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إلَّا بِنِيَّةٍ) لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ كَالصَّوْمِ، (فَإِنْ كَانَ) الِاعْتِكَافُ (فَرْضًا) أَيْ: مَنْذُورًا (لَزِمَهُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ) لِيَتَمَيَّزَ الْمَنْذُورُ عَنْ التَّطَوُّعِ (وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الِاعْتِكَافِ (أَيْ نَوَى إبْطَالَهُ بَطَلَ إلْحَاقًا لَهُ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

(وَلَا يَبْطُلُ) الِاعْتِكَافُ (بِإِغْمَاءٍ) كَمَا لَا يَبْطُلُ بِنَوْمٍ بِجَامِعِ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ.

(وَلَا يَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ (مِنْ رَجُلٍ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ) الْجَمَاعَةُ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فَلَوْ صَحَّ فِي غَيْرِهَا لَمْ تَخْتَصَّ بِتَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ إذْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُدْخِلُ رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَتُرَجِّلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةٍ.

وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِمَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ حَذَرًا مِنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ الْمُنَافِي لَهُ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَخَرَجَ مِنْهُ الْمَعْذُورُ وَالصَّبِيُّ، وَمَنْ هُوَ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْوَاجِبَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا (وَلَوْ) كَانَتْ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (مُعْتَكِفَيْنِ) لِانْعِقَادِ الْجَمَاعَةِ بِهِمَا فَيُخْرَجُ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ (إنْ أَتَى عَلَيْهِ) أَيْ: الرَّجُلِ الَّذِي تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً (فِعْلُ الصَّلَاةِ زَمَنَ اعْتِكَافِهِ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً بِأَنْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَعْذُورًا أَوْ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ زَمَنَ اعْتِكَافِهِ فِعْلُ صَلَاةٍ كَمَا لَوْ اعْتَكَفَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ (صَحَّ) اعْتِكَافًا (فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) .

لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْجَمَاعَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ إذَنْ وَمَا رَوَى حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>