فَقَالَ بِدْعَةٌ، وَأَبْغَضُ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ فَلَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ " أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تُقَامَ فِيهِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْجَمَاعَةُ (تُقَامُ فِيهِ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ) دُونَ بَعْضٍ (جَازَ الِاعْتِكَافُ فِيهِ) مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ (فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ) الَّذِي تُقَامُ فِيهِ (فَقَطْ) دُونَ الزَّمَانِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ لِمَا سَبَقَ.
(وَلَا يَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ (فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ دُونَ الْجَمَاعَةِ) إذَا كَانَ يَأْتِي عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ لِمَا مَرَّ (وَظَهْرُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ مِنْهُ (وَرَحَبَتُهُ الْمَحُوطَةُ وَعَلَيْهَا بَابٌ نَصًّا) مِنْهُ.
(وَمَنَارَتُهُ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ: مِنْهُ) بِدَلِيلِ مَنْعِ الْجُنُبِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنَارَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَابُهَا فِيهِ (وَكَذَا مَا زِيدَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ مِنْهُ (حَتَّى فِي الثَّوَابِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَكَذَا مَسْجِدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مَا زِيدَ فِيهِ: حُكْمُهُ حُكْمُهُ حَتَّى فِي الثَّوَابِ (عِنْدَ الشَّيْخِ وَابْنِ رَجَبٍ وَجَمْعٍ وَحُكِيَ عَنْ السَّلَفِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ بُنِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ إلَى صَنْعَاءَ كَانَ مَسْجِدِي» وَقَالَ عُمَرُ لَمَّا زَادَ الْمَسْجِدُ: لَوْ زِدْنَا فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَبَّانَةَ كَانَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا يُعْلَمُ عَنْ السَّلَفِ خِلَافٌ فِي الْمُضَاعَفَةِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ عَقِيلٍ.
(وَخَالَفَ فِيهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجَمْعٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ) وَقَالَ فِي الْآدَابِ: وَهَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ تَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ غَيْرَ الزِّيَادَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، أَيْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فِي مَسْجِدِي هَذَا لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ.
(وَلَوْ اعْتَكَفَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) كَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ (فِي مَسْجِدٍ لَا تُصَلَّى فِيهِ) الْجُمُعَةُ (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ (بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْخُرُوجَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ.
(وَالْأَفْضَلُ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافَ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ إلَيْهَا فَيَتْرُكُ الِاعْتِكَافَ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ.
(وَلِلْمَرْأَةِ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ كَالْمَرِيضِ وَالْمَعْذُورِ) بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَنْ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ (إلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا وَهُوَ مَا اتَّخَذَتْهُ لِصَلَاتِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَلَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ.
(وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ) الْمَسَاجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute