للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يحصى كثرة. ولم يستدل إبراهيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما عاينه في الكواكب والشمس والقمر لنفسه، إذ لم يكن جاهلا بربه ولا شاكا في قدمه، وإنما أراد أن يري قومه وجه الاستدلال بذلك ويعيرهم بالذهول على هذا الدليل الواضح ويوقفهم على باطل ما هم عليه، وكان من أحج الأنبياء - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - وذلك بين من كتاب الله تعالى. ألا ترى إلى ما حكى الله عز وجل من قوله بعد أن أراهم أنهم على غير شيء {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٧٩] {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي} [الأنعام: ٨٠] فِي اللَّهِ إلى قوله {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} [الأنعام: ٨٣] وقوله في أول الآية: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: ٧٥] وقد قيل إن ذلك كان في صباه وفي أول ما عقل، والأول أصح وأبين والله سبحانه وتعالى أعلم.

فصل

في وحدانية الله عز وجل وأسمائه

وما هو عليه من صفات ذاته وأفعاله

فالله تبارك وتعالى إله واحد قديم بصفاته العلى وأسمائه الحسنى لا أول لوجوده، وباق أبدا إلى غير غاية ولا انتهاء، تعالى عن مشابهة المخلوقات، وارتفع عن مماثلة المحدثات، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وردت بذلك كله النصوص عن الرسول - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ودلت عليه دلائل العقول.

فمن أدلة العقول على أنه واحد أنهما لو كانا اثنين فأكثر لجاز أن يختلفا، وإذا اختلفا لم يخل ذلك من ثلاثة أقسام لا رابع لها. أحدها أن يتم مرادهما جميعا، والثاني أن لا يتم مرادهما جميعا، والثالث أن يتم مراد أحدهما ولا يتم مراد الآخر. فيستحيل منها وجهان وهو أن يتم مرادهما جميعا، وأن لا يتم مراد

<<  <  ج: ص:  >  >>