للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ضربين: أحدهما عبادة مؤقتة بوقت، والثاني عبادة غير مؤقتة بوقت. فأما العبادة المؤقتة بوقت فإن التيمم لها لا يصح إلا بعد دخول وقتها، ولصحته بعد دخول وقتها شرائط متفق عليها ومختلف فيها. فأما المتفق عليها فهي عدم الماء أو عدم القدرة على الوصول إليه في السفر والمرض مع طلبه عند عدمه أو طلب القدرة على الوصول إليه عند عدمها. وأما المختلف فيها فهي عدم الماء في الحضر أو عدم القدرة على استعماله لمرض مع طلبه أيضا عند عدمه أو طلب القدرة على استعماله. وطلب الماء عند عدمه إنما يجب مع اتساع الوقت لطلبه، والذي يلزم منه ما جرت العادة به من طلبه في رحله أو سؤال من يليه ممن يرجو وجوده عنده ولا يخشى أن يمنعه إياه، أو العدول إليه عن طريقه إن كان مسافرا على قدر ما يمكنه من غير مشقة تلحقه مع الأمن على نفسه. ولا حد في ذلك يقتصر عليه لاختلاف أحوال الناس، وقالوا في الميلين إنه كثير، وفي الميل ونصف الميل مع الأمن إنه يسير، وذلك للراكب والراجل القوي القادر. وعدم القدرة على استعماله هو مثل أن يخشى من استعماله الموت أو المرض أو زيادة فيه إن كان مريضا. قال أبو الحسن القابسى مثل أن يخشى أن تصيبه نزلة أو حمى، وقال الشافعي لا يجوز له التيمم مع وجود الماء إلا أن يخاف تلف نفسه باستعماله.

[فصل]

فإذا قلنا إن ذلك شرط في صحة التيمم فهل ذلك شرط في صحة التيمم لكل صلاة عند القيام إليها؟ أو في صحته لما اتصل به من الصلوات عند القيام لها؟ أو في صحة التيمم على الإطلاق؟ في ذلك بين أهل العلم اختلاف. أما من ذهب إلى ما حكيناه من أن الأصل كان إيجاب الوضوء لكل صلاة أو التيمم عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله بظاهر قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] الآية وأن السنة خصصت من ذلك الوضوء وبقي التيمم على الأصل، فلا يصح عنده صلاتان بتيمم واحد وإن اتصلتا ونواه لهما، ولا صلاة بتيمم نواه لغيرها، ولا صلاة بتيمم نواه لها إذا صلى به غيرها أو تراخى عن الصلاة به اشتغالا بما سواها. ويجيء على مذهبه أن طلب الماء أو طلب القدرة على استعماله شرط في صحة

<<  <  ج: ص:  >  >>