ثم كانت السنة التاسعة. ففيها تسارع الناس إلى الإسلام.
وفيها كانت غزوة تبوك بعد فتح مكة، وهي جيش العسرة. وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما انصرف من عمرته بعد فتح مكة وغزوة حنين وحصار الطائف أقام المدينة ذا الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخرة، وخرج في رجب في سنة تسع بالمسلمين إلى غزو الروم، وهي آخر غزوة غزاها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لنفسه. وكان خروجه إليها في حر شديد حين طاب أول التمر وفي عام جدب. وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يكاد يخرج غازيا إلى وجه إلا ورى بغيره إلا غزوة تبوك فإنه بينها للناس لبعد المسافة ونفقة المال والمشقة وقوة العدو المقصود إليه. والخبر في ذكرها وما جرى يطول، وقد ذكرنا منه عيونه في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية.
وفيها كان إسلام ثقيف. وقد ذكرنا الخبر بذلك أيضا في الجزء المذكور من شرح الجامع.
وفيها كانت حجة أبي بكر الصديق. وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما انصرف من تبوك أراد الحج ثم قال: إنه يحضر البيت غدا مشركون يطوفون بالبيت عراة فلا أحب الحج حتى لا يكون ذلك. فأرسل أبا بكر، ثم أردفه عليا لما أنزلت براءة ليقرأها على الناس بالموسم، وينبذ إلى كل ذي عهد عهده، ويعهد إليهم ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان إلى سائر ما أمره أن ينادي به في كل موطن من مواطن الحج. فأقام الحج في ذلك العام سنة تسع أبو بكر. ثم حج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من عام قابل حجة الوداع، ولم يحج من المدينة غيرها. فوقعت حجة رسول