عفوه. هذا هو المنصوص عن مالك المعلوم من مذهبه في كتاب ابن المواز وغيره. وقد تأول بعض الشيوخ على مذهبه في المدونة أن أول الوقت وأوسطه وآخره في الفضل سواء من إنكاره لحديث يحيى بن سعيد «إن المصلي ليصلي الصلاة وما فاته وقتها ولما فاته من وقتها أعظم وأفضل من ماله وأهله». وهذا بعيد؛ لأنه إنما أنكره لأن ظاهره يوجب أن من فاته بعض الوقت كمن فاته جميعه على ما جاء في حديث عبد الله بن عمر «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله».
[فصل]
وهذا التأويل إنما يصح فيما عدا صلاة الصبح وصلاة المغرب. أما صلاة المغرب فلما وضحنا فيها من الإجماع على أن أول الوقت أفضل. وقد روي أن عمر بن عبد العزيز أخر المغرب حتى طلع نجم أو نجمان، فأعتق رقبة أو رقبتين؛ خوفا من أن يكون منه بعد أن غربت الشمس غفلة أو فترة. وأما صلاة الصبح فإنه نص في سماع أشهب على أن التغليس بها أفضل من الإسفار؛ لأنه الذي كان يداوم عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «إن كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس». فيبعد أن يتأول قوله على خلاف المنصوص عنه. وقد روى زياد عن مالك أن الصلاة في أول وقت الصبح منفردا أفضل من الصلاة في آخره جماعة.
[فصل]
واتفق أصحاب مالك على أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن الوقت المختار المستحب إلى ما بعده من وقت الضرورة إلا من ضرورة، وهو القامة في الظهر، والقامتان في العصر [أو ما لم تصفر الشمس]. ومغيب الشفق في المغرب على