عسرة، أو وقع ذو عسرة، فالآية عامة في كل من أعسر بدين، كائنا ذلك الدين ما كان؛ وقد روي عن ابن عباس وقوم من المفسرين أن الآية نزلت في الربا، وإلى هذا ذهب شريح فقال: إن المعسر يحبس في الدين؛ لأن الله قد أمر بأداء الأمانة، والآية في إنظار المعسر إلى أن يوسر، إنما أنزلت في الربا، وإنما قال ذلك شريح ومن قال بقوله؛ لكونها بعقب ذكر الربا، فظنوا أنها فيه وليس ذلك بصحيح لوجهين؛ (أحدهما): أن الربا قد أحبطه الله وأبطله، فكيف يكون فيه نظرة. والثاني: أن القراءة إنما هي: وإن كان ذو عسرة- بالرفع، فلما كان كذلك، علم أنه لم يعن بها صاحب الربا، ولو عنى بها صاحب الربا- كما قال شريح، لقيل: وإن كان ذا عسرة، أي إن كان الذي عليه الربا ذا عسرة، وكذلك في قراءة أبي بن كعب.
[فصل]
ولو قال الذي قال: إن الآية معطوفة على الربا-: إنها معطوفة على رأس مال الربا، لكان سائغا على هذه القراءة، ولوجب أن يقاس سائر الديون على رأس مال الربا؛ إذ لا فرق بين رأس مال الربا وغيره من الديون، فبان بما أردناه صحة ما ذهب إليه مالك: أن المطالبة بالدين إنما تجب مع القدرة على الأداء، فإذا ثبت الإعسار، فلا سبيل إلى المطالبة، ولا إلى الحبس بالدين؛ لأن الخطاب مرتفع عنه إلى أن يوسر.
[فصل]
وهذا في المعسر المعدم، إذ ليس كل معسر معدما، وكل معدم معسر؛ فالإعسار أعم من الإعدام؛ فالغرماء على هذا ينقسمون على ثلاثة أقسام: