مذكورة في الآية، والنوم ليس بحدث وإنما هو مسبب للحدث، فحمل الكلام على زيادة فائدة أولى من حمله على التكرار لغير فائدة. وقيل إن الكلام على غير عمومه في الأمر بالوضوء لكل قائم إلى الصلاة وإن الوضوء كان واجبا لكل صلاة فنسخ الله ذلك بفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكة تخفيفا عن عباده. وهذا على مذهب من ذهب إلى جواز نسخ القرآن بالسنة، وقد اختلف في ذلك. وحمل الحديث على البيان للقرآن على ما ذهب إليه زيد بن أسلم أولى من حمله على النسخ؛ لأن النسخ إنما يكون في النصوص التي تتعارض والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد روي عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه كان يتوضأ لكل صلاة ثم يتلو:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[المائدة: ٦] وكل قائم الصلاة يتوضأ على مذهبه على ظاهر الآية ولم يبلغه الحديث والله أعلم. ويحتمل أن يكون إنما كان يتوضأ لكل صلاة لما اختص به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهل بيته من إسباغ الوضوء. روي عن «ابن عباس أنه قال ما اختصنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا بثلاث: إسباغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي الحمر على الخيل». وقد روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أنه كان إذا أحدث لم يكلم أحدا حتى يتوضأ وضوءه للصلاة فنسخ الله هذا وأمر بالطهارة عند القيام للصلاة، ثم نسخ هذا بفعله يوم فتح مكة. ومن العلماء من قال ينبغي لكل من قام إلى الصلاة أن يتوضأ طلبا للفضل فحمل الآية على الندب.
[فصل]
ومعنى قَوْله تَعَالَى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[المائدة: ٦] أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وفي الكلام دليل على هذا ومثله قول الله عز وجل:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨] أي إذا أردت أن تقرأ القرآن. وليس المراد بذلك القيام الذي هو ضد الجلوس، وإنما المعنى بذلك إذا نهضتم إليها