وسميت ذات الرقاع لأن أقدامهم تثقبت فكانوا يلفون عليها الخرق، وقيل بل قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا راياتهم فيها، وقيل ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع تدعى بذات الرقاع، وقيل بل الجبل الذي نزلوا عليه كانت أرضه ذات ألوان من حمرة وصفرة وسواد فسموا غزوتهم بذات الرقاع لذلك والله أعلم.
وفيها كانت غزوة بدر الثالثة في شعبان منها. وذلك أن أبا سفيان كان نادى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد: موعدنا معكم بدر في العام المقبل، فأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض أصحابه أن يجيبه بنعم. فخرج للميعاد المذكور ونهض حتى أتى بدرا فأقام هنالك ثماني ليال ينتظر أبا سفيان ابن حرب. وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى بلغ عسفان ثم رجع واعتذر هو وأصحابه بأن العام عام جدب.
وفيها بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا عبيدة بن الجراح إلى ذي القصة من طريق العراق. وفيها بعثه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى سيف البحر فرجع ولم يلق كيدا.
[[السنة الخامسة]]
ثم كانت السنة الخامسة. ففيها في ربيع الأول منها كانت غزوة دومة الجندل. خرج - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى دومة الجندل وانصرف من طريقه قبل أن يبلغ إليها ولم يلق حربا.
وفيها في شوال منها كانت غزوة الخندق وهي غزوة الأحزاب التي ذكرها الله في كتابه في سورة الأحزاب فقال فيها:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا - وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ}[الأحزاب: ٢٥ - ٢٦] إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}[الأحزاب: ٢٧] يريد بني قريظة، وقد ذكرنا سببها وجملا مما جرى فيها في الجزء الرابع من شرح جامع العتبية.