بن ثابت وحمنة بنت جحش ومسطح بن أثاءة كذلك لا تقتصر الآية الثانية فيما تضمنت من الوعيد على من قذف عائشة أو سائر أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولو وجب أن يقصر على عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - من أجل أن سبب نزولها كان من شأنها وقول أهل الإفك فيها لوجب أن تقصر آية اللعان على هلال بن أمية، وآية السارق على سارق رداء صفوان بن أمية، وآية الظهار على أوس بن الصامت، لأن ما جرى من شأنهم كان سببا لنزول هذه الآيات، فإذا لم يجب هذا لم يجب هذا.
[فصل]
وأما ما روي عن ابن عباس من إنفاذ الوعيد على من قذف أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فليس بصحيح، لأن الله قد قبل توبة من تاب من أصحاب الإفك. والدليل على ذلك أن الله عاتب أبا بكر الصديق قطعه الإنفاق على مسطح ابن خالته وغيره من ذوي قرابته فقال:{أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النور: ٢٢]. فقال أبو بكر: بلى يا رب إني أحب أن يغفر الله لي، فأعاد إليهم النفقة. وقد كان حسان ابن ثابت يدخل على عائشة فتكرمه. وروي عن مسروق أنه قال: كنت عند عائشة فدخل عليها حسان بن ثابت مرة فأمرت فألقي له وسادة فشبب بأبيات له حيث يقول:
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت عائشة: أما إنك لست كذلك. قال مسروق: فقلت لها تدعين هذا الرجل يدخل عليك وقد قال ما قال وقد أنزل الله فيه: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور: ١١] فقالت: وأي عذاب أشد من العمى، قالت إنه كان يدفع عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. والصحيح أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول وكان من المنافقين. وأما حسان بن ثابت فقد أنكر قوم أن يكون ممن خاض في الإفك أو جلد فيه،