وأما من صلى قبل أن يذكر الصلوات المنسية فلا يعيدها إلا في الوقت للرتبة استحسانا، فإن لم يتسع له الوقت لإعادة ذلك فلا إعادة عليه بعد الوقت إلا أن يتسع له الوقت للإعادة فلم يفعل، فقد قيل: إنه يعيد بعد الوقت، وذلك تأكيد في الاستحباب.
[فصل]
فيتحصل في ترتيب الفوائت اليسيرة مع ما حضر وقته من الصلوات قولان: أحدهما: أنه فرض بالذكر يسقط بالنسيان كالكلام في الصلاة. والثاني: أنه إنما يجب بالسنة وجوب السنن. وأما ترتيب ما حضر وقته من الصلوات فلا خلاف أعرفه في وجوبه مع الذكر على ما بيناه إن شاء الله تعالى
[فصل]
وأما ذكر صلوات كثيرة فلم يختلف قول مالك أنه يبدأ بما حضر وقته قبلها، قيل: إن خشي أن يفوته فيما حضر وقت الاختيار، وهو ظاهر قول ابن حبيب في الواضحة، وقيل: ما لم تصفر الشمس في الظهر والعصر، وهو قول ابن القاسم في مختصر يحيى بن عمر، وقيل: ما لم تغب الشمس، وهو قول ابن القاسم في سماع سحنون من العتبية.
[فصل]
ووجه تفرقة مالك بين الصلوات الكثيرة والقليلة، هو أن ظاهر الحديث بحمله على ما يقتضيه من العموم يوجب أن يبدأ بالفوائت قلت أو كثرت قبل ما هو في وقته وإن فات الوقت؛ لقوله: فليصلها إذا ذكرها في الصلاة التي هي من ألفاظ العموم، فخصص الإجماع من ذلك الصلوات الكثيرة وبقي الحديث مستعملا في اليسيرة. وقد اختلف في حدها ما هو، فقيل: الأربع، وقيل: الخمس، وقيل: الست وهو الصواب، إذ لا يصح أن يخصص عموم الحديث إلا بما يتفق أنه كثير وهو الست صلوات، وبالله التوفيق.