للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

وإنما لزم العتق باليمين لأن الله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] واليمين بالعتق من العقود، فوجب الوفاء به. وهذا صحيح على أصل مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن أصل مذهبه أن كل من حلف بما لله فيه طاعة يلزمه في اليمين كما يلزمه في النذر، ومن حلف بما ليس لله فيه طاعة أو له فيه معصية فلا يلزمه في اليمين كما لا يلزمه في النذر، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».

[فصل]

ولا يخرج على هذا الأصل إلا الطلاق، فإن الطلاق يلزم باليمين ولا يلزم بالنذر. وإنما كان ذلك لأن القائل لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار قد أوجب الطلاق على نفسه بشرط دخول الدار، فهو بمنزلة أن يوجبه على نفسه ابتداء بغير شرط. والطلاق ليس مما ينذر لله ولا يتقرب به إليه فلذلك لم يلزم بالنذر.

[فصل]

ولزوم الطلاق باليمين مما أجمع عليه أهل العلم واتفقوا عليه ولم يختلفوا فيه. وأما العتق وسائر أفعال البر بيمين فإن أهل العلم اختلفوا في لزوم ذلك اختلافا كثيرا. فمنهم من لم يلزم شيئا من ذلك باليمين وأوجب على الحالف به كفارة يمين. ومنهم من لم يلزمه شيئا من ذلك باليمين ولا أوجب عليه كفارة يمين. وعلة من لم يلزم شيئا من ذلك باليمين أن الحالف بها لم يرد النذر بذلك ولا القربة به، وإنما قصد إلى منع نفسه مما حلف عليه. فلا يلزمه أن يخرج لله مما لم يرد به القربة إليه، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأعمال بالنيات». وقوله: «من كانت هجرته إلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>