منفعة له في منعه ولا يضره تركه؛ وقال بعضهم: إنما تأويل ذلك في الذي يزرع على مائه فتنهار بئره- ولجاره فضل ماء أنه ليس لجاره أن يمنعه فضل مائه إلى أن يصلح بئره؛ والتأويلان قريبا المعنى، والله أعلم.
وأما نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ، فإنما هو في بئر الماشية التي تحتفر في البراري والمهامه؛ لأن المواشي لا ترعى إلا حيث تجد المياه، فإذا منعت من الماء، كان منعا لها عن الكلأ.
[فصل]
فالمياه تنقسم على قسمين:
أحدهما: أن تكون في أرض ممتلكة.
والثاني: أن تكون في أرض غير ممتلكة.
فأما ما كان منها في أرض ممتلكة، فسواء كانت مستنبطة مثل بئر يحفرها أو عين يستخرجها، أو مواجل يتخذها، أو غير مستنبطة، مثل عين في أرضه لم يستخرجها أو غدير وما أشبه ذلك؛ فهو أحق به ويحل له بيعه ومنع الناس منه إلا بثمن، إلا أن يرد عليه قوم لا ثمن معهم، ويخاف عليهم الهلاك- إن منعهم فحق عليه أن لا يمنعهم، فإن منعهم، كان لهم مجاهدته، هذا قول ابن القاسم في المدونة؛ لأنه لم يحمل نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن منع نقع البئر على عمومه، بل تأوله على ما تقدم، إلا أنه يستحب له ألا يمنع الشرب من العين أو الغدير تكون في أرضه من أحد من الناس من غير حكم يحكم به عليه، وله في واجب الحكم أن يمنع ماءه إذا شاء ويبيحه إذا شاء، واختلف في الرجل يكون له زرع قد زرعه على بئره