للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكره في الأسفار تعليق الأجراس في أعناق الإبل والدواب، فقد «روي أن العير التي فيها الأجراس لا تصحبها الملائكة» وتقليدها الأوتار قيل: إذ لا يأمن أن تختنق بها على أخذ التأويلين في الحديث الذي جاء «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسل عبد الله بن أبي بكر في بعض أسفاره والناس في مقيلهم ألا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت». وقيل معنى ذلك في التمائم المعلقة عليها مخافة العين، قاله مالك في موطئه، وتأويله أظهر، والله أعلم.

فصل

في

تنزيه المساجد عما لم توضع له

وينبغي أن تنزه المساجد عن عمل الصناعات وأكل الألوان والمبيت فيها إلا من ضرورة للغرباء، ومن الوضوء فيها واللغط ورفع الصوت فيها وإنشاد الضالة والبيع والشراء؛ لقول الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [النور: ٣٦] {رِجَالٌ} [النور: ٣٧] إلى آخر الآية؛ لأنه عز وجل أعلم بهذه الآية ما وضعت المساجد له، فوجب أن تنزه عما سوى ذلك مما ذكرناه، ومن تقليم الأظفار، وقص الشعر فيها، والأقذار كلها والنجاسات؛ ولقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم وسل سيوفكم ورفع أصواتكم واجعلوا مطاهركم على أبوابها». وقد بنى عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رحبة بناحية المسجد تسمى البطيحاء وقال: من أراد أن يلغط أو ينشد شعرا ويرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة.

وكان عطاء بن يسار إذا مر به من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معه وما تريد، فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه في المسجد قال: عليك بسوق الدنيا فإنما هذا سوق الآخرة. وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>