يذهبون إليه أنه كفر ينقل عن الملة ولكنه كفر ليس ينقل عن الملة ثم تلا قول الله سبحانه وتعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤].
والقول الثالث: أن من ترك الصلاة فسقا وتهاونا من غير أن يبتدع دينا غير الإسلام، فإنه يضرب ضربا مبرحا، ويسجن حتى يتوب ويرجع ولا يقتل، قاله ابن شهاب وجماعة من سلف الأمة، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وبه قال داود ومن اتبعه. وحجة هؤلاء ومن قال بقولهم: قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة فمن جاء بهن لم يضيع» الحديث، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها». قالوا: وقد بين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حقها ما هو فقال:«لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس».
[فصل]
وفرض الله تعالى على نبيه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الصلوات الخمس في السماء حين الإسراء بخلاف سائر الشرائع، وذلك يدل على حرمتها وتأكد وجوبها. واختلف كيف فرضت فروي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أنها قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر. وقيل: إنها فرضت أربع ركعات ثم قصر منها ركعتان في السفر، ويؤيد هذا ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة». ووضع لا يكون إلا من تمام.