وأما التداوي بالكي فاختلف السلف في إجازته، لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من النهي عنه. «روى عمران بن حصين قال: سمعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهى عن الكي فما زال البلاء بنا حتى اكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا.
قال عمران وكان يسلم علي فلما اكتويت فقدت ذلك ثم راجعته بعد السلام». وروي «عن جابر بن عبد الله قال: اشتكى منا رجل شكوى شديدة فقال الأطباء: لا يبرأ إلا بالكي فأراد أهله أن يكووه وقال بعضهم: لا حتى نستأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستأمروه فقال: لا، فبرئ. فلما رآه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: هذا صاحب بني فلان؟ قالوا: نعم، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن هذا لو كوي لقال الناس: إنما أبرأه الكي»
والذي عليه الأكثر إجازته، فقد «كوى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسعد بن زرارة من الذبحة فمات، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بئس الميت ليهود يقولون: لم يغن عنه صاحبه»
وجاء عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية ابن عمر وابن عباس أنه قال:«إن كان الشعاء ففي ثلاث أو قال: الشفاء في ثلاث: شربة عسل، أو كية نار، أو شرطة محجم». فقد يحتمل بدليل هذه الآثار أن يكون نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الكي إنما كان في أمر ما أو علة ما أو نهي أدب وإرشاد إلى التوكل على الله والثقة به، فلا شافي سواه ولا مهرب لأحد عما قضاه.
ومن الدليل على ذلك حديث المغيرة بن شعبة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«ما توكل من استرقى أو اكتوى» يريد ما توكل حق التوكل، لأن من لم يسترق ولم يكتو أكثر إخلاصا للتوكل منه. ويعضد هذا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يدخل الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم، وهم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون».
فصل
في
اللعب بالنرد وبالشطرنج
وما كان في معناهما
قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله»، «ومن لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير». وكذلك الشطرنج له حكمه، وقد قال فيه الليث بن سعد: إنه شر من النرد. ومثله الأربعة عشر، وهي قطع معروفة كان يلعب