للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النحو، وككتاب إقليدس عند أهل الحساب، وموضعها من الفقه موضع أم القرآن من الصلاة، تجزئ من غيرها ولا يجزئ غيرها منها. وكانت مؤلفة على مذهب أهل العراق، فسلخ أسد بن الفرات منها الأسئلة وقدم بها المدينة ليسأل عنها مالكا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ويردها على مذهبه، فألفاه قد توفي، فأتى أشهب ليسأله عنها فسمعه يقول أخطأ مالك في مسألة كذا وأخطأ في مسألة كذا، فتنقصه بذلك وعابه ولم يرض قوله فيه وقال ما أشبه هذا إلا كرجل بال إلى جانب البحر فقال هذا بحر آخر، فدل على ابن القاسم فأتاه فرغب إليه في ذلك فأبى عليه، فلم يزل به حتى شرح الله صدره لما سأله فجعل يسأله مسألة مسألة، فما كان عنده فيها سماع عن مالك قال سمعت مالكا يقول فيها كذا وكذا، وما لم يكن عنده من مالك فيه إلا بلاغ قال لم أسمع من مالك في ذلك شيئا وبلغني عنه أنه قال فيها كذا وكذا، وما لم يكن عنده سماع ولا بلاغ قال لم أسمع من مالك في ذلك شيئا ولا بلغني والذي أراه فيه كذا وكذا حتى أكملها. فرجع إلى بلده بها فطلبها منه سحنون فأبى عليه فتحيل سحنون حتى صارت الكتب عنده فانتسخها ثم رحل بها إلى ابن القاسم فقرأها عليه فرجع منها من مسائل وكتب إلى أسد بن فرات أن يصلح كتابه على ما في كتاب سحنون. فأنف أسد من ذلك وأباه، فبلغ ذلك ابن القاسم فدعا عليه أن لا يبارك له فيها، وكان مجاب الدعوة، فأجيبت دعوته ولم يشتغل بكتابه ومال الناس إلى قراءة المدونة ونفع الله بها. وكان سحنون إذا حث على طلب العلم والصبر عليه تمثل بهذا البيت:

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

[فصل]

ومن أفضل ما يستعان به على الطلب تقوى الله العظيم فإنه عز وجل يقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>