وأما إن ادعاه المبتاع وأنكره البائع فلا يجوز وإن أحضر المبتاع قيمة العيب، من الذهب وراطله بها، لأنه لم يرض بهذه المراطلة إلا بما طرح عنه البائع من مئونة إثبات العيب والعناء في ذلك أو اليمين؛ لأن البائع لو نكل عن اليمين وجبت على المبتاع فصار إنما رضي بالمراطلة بما أسقط عنه من اليمين، فيدخله التفاضل بين الذهبين؛ وأما على مذهب ابن القاسم، فينبغي أن يكون الصلح بالذهب جائزا إذا أحضر قيمة العيب وراطله بها. وإن كان البائع منكرا للعيب، لأن المبتاع إن نكل يدعي باطلا فلا يجوز له أن يأخذ منه قليلا وكثيرا. وإن كان يدعي حقا، فجائز له أن يراطله بما يعلم أنه قد سقط من قيمة العيب، وإنما الذي يجوز بلا كلام أن يحط عنه من الثمن الذي عليه ما يتفقان عليه من قليل أو كثير.
[فصل]
وأما إن كان الثمن مؤجلا، فجائز له أن يصالحه على عروض أو طعام نقدا، ولا يجوز على عروض مؤجلة؛ لأنه يدخله الدين بالدين؛ ولا على دراهم نقدا ولا إلى أجل، وأما الدنانير فقال في المدونة: إنه لا يجوز، فقيل إن معنى ذلك إن كانت الدنانير التي صالحه عليها أقل من قيمة العيب.
وأما إن كانت مثلها أو أكثر منها، فذلك جائز؛ لأنه لا يتهم أن يعطي ذهبا ويأخذ مثلها أو أقل منها - إذا حل الأجل؛ هذا تأويل ابن أبي زيد وأحمد بن خالد؛ وقيل إن ذلك لا يجوز بحال وإن كانت الدنانير مثل قيمة العيب أو أكثر منها إذا كان البائع منكرا للعيب، لأن البائع إنما رضي بدفع دنانيره في مثلها أو في أقل منها إلى أجل، لما طرح عنه المبتاع من الخصومة في قيمة العيب، فصار ذلك سلفا جر نفعا، ودنانير في دنانير إلى أجل.