للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

وكذلك الحلف بالطلاق مكروه. روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا تحلفوا بالطلاق ولا بالعتاق فإنهما من أيمان الفساق»، وقال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت». وروى زياد عن مالك أنه يؤدب من حلف بالطلاق. وقال مطرف وابن الماجشون: من اعتاد الحلف بالطلاق فذلك جرحة فيه وإن لم يعلم له حنث فيه. ومكروهه لوجهين: أحدهما: نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الحلف به وعن الحلف بغير الله. والثاني: أنه قد يقع حنثه في حال الحيض أو دم النفاس أو في طهر قد مس فيه، وهذه أحوال لا يجوز إيقاع الطلاق فيها. فإن كانت الزوجة ممن لا تحيض أو يائسة من المحيض كره لمخالفته السنة خاصة.

[فصل]

ومن حلف بالطلاق فحنث في يمينه وامرأته حائض أو نفساء في دم نفاسها فإنه يجبر على رجعتها كما يجبر المطلق في الحيض على الرجعة ما لم تنقض العدة في مذهب مالك وأصحابه، حاشا أشهب فإنه يرى أن يجبر على الرجعة ما لم تطهر ثم تحيض ثم تطهر إلى الموضع الذي أبيح له فيه الطلاق. ومن أهل العلم من يرى أنه إنما يجبر على الرجعة ما لم تطهر من حيضتها التي طلقها فيها، وليس ذلك في المذهب. فإن أبى الارتجاع هدد، فإن أبى سجن، فإن أبى ضرب، ويكون ذلك كله قريبا في موضع واحد؛ لأنه على معصية. فإن تمادى ألزم الرجعة وكانت له زوجة. حكى ذلك ابن المواز عن ابن القاسم وأشهب. وقال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية: إنه إذا أبى حكم عليه بالرجعة وألزم إياها ولم يذكر سجنا ولا ضربا. وذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أنه يؤمر بالرجعة ولا يضرب عليها. والصحيح ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لأن الأوامر محمولة على الوجوب حتى يقترن بها ما يدل على أنها على الندب، وهذا قول المحققين من أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>