للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنحي من هذا المال والصدقة به ما كان يلزم الموروث. وتوجيه الاختلاف في وجوه هذه المسألة يطول، وقد فرغنا من ذلك في مسألة مشخصة في هذا المعنى وما يتعلق به لمن سألني ذلك من المريدين وبالله سبحانه التوفيق.

فصل

في

التحليل من الظلامات والتباعات

سئل مالك عن قول سعيد بن المسيب في فعله أنه كان لا يحلل أحدا، فقال: ذلك يختلف، فقلت له: الرجل يسلف الرجل الذهب فيهلك ولا وفاء له، قال: إنه يحلله فإنه أفضل عندي فإن الله يقول: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨] وليس كل ما قال يتبع عليه وإن كان له فضل. قيل: فالرجل يظلم الرجل، قال: لا أرى ذلك، هو مخالف عندي للأول، يقول الله عز وجل: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: ٤٢] وَيَقُولُ {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] فلا أرى أن نجعل في حل من ظلم. ومن أهل العلم من رأى التحليل من الظلامات والتباعات أفضل من ترك التحليل منها. فوجه القول الأول أن التباعات والظلامات يستوفيها صاحبها يوم القيامة من حسنات من وجبت له عليه على ما جاء من أن الناس يقتصون من بعضهم يوم القيامة بالحسنات والسيئات، وهو في ذلك الوقت مفتقر إلى الزيادة في حسناته ونقصان سيئاته بما له من التباعات والظلامات التي حلل منها وهو لا يدري هل يوازي أجره في التحليل ما يجب له من الحسنات في الظلامات والتباعات أو يزيد عليها أو ينقص منها. فكان الحظ له ألا يحلل منها. ووجه القول الثاني أن التحليل إحسان للمحلل عظيم، وفضل يسديه إليه جسيم، يبتغي عليه المكافآت من الله عز وجل، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>