ومن ذهب مذهبه في بيع ما عدا الذهب والفضة، وما يوزن أو يكال مما يؤكل أو يشرب متفاضلا يدا بيد ونسيئة، اتفق النوعان أو اختلفا.
[فصل]
وهذه العلة أخذت من طريق النظر والاجتهاد، إذ لم ينص النبي- عَلَيْهِ السَّلَامُ - على العلة في ذلك، ولا نبه عليها، ولذلك اختلف فيها، فهي مظنونة غير معلومة ولا مقطوع بها؛ والحكم بها عند من رآها علة بنظره واجتهاده معلوم مقطوع عليه.
[فصل]
والأصل الذي منه استثار العلماء هذه العلل، هو ما صح الخبر به عن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نهى عن التفاضل في الصنف الواحد من ستة أشياء، وهي: الذهب والفضة، والقمح والشعير، والتمر والملح». والآثار في ذلك كثيرة موجودة، منها حديث عبادة ابن الصامت وغيره أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«الذهب بالذهب، والورق بالورق، والبر بالبر، والشعير بالشعير والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلا بمثل، يدا بيد؛ فمن زاد أو ازداد فقد أربى، وبيعوا الذهب بالورق كيف شئتم يدا بيد» وزاد بعض رواة الحديث: «والبر بالشعير كيف شئتم يدا بيد» وبعض الرواة يقول فيه: «فإذا اختلف الصنفان، فبيعوا كيف شئتم - يدا بيد». وهو مذهب عبادة بن الصامت راوي الحديث أن القمح والشعير صنفان، وإلى هذا ذهب الشافعي وجماعة من أهل العلم، واحتج بعض من ذهب إلى ذلك أيضا بحديث مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحرثان النصري عن عمر بن الخطاب أنه قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء،