بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على محمد
[كتاب القسامة]
فصل في
وجوب القود بالقسامة
قد قلنا فيما تقدم إن القصاص يكون بأحد ثلاثة أشياء:
إما ببينة عادلة على القتل ومعاينته، وإما باعتراف القاتل على نفسه بالقتل، وإما بقسامة.
فأما وجوب القصاص بالبينة والاعتراف فلا خلاف في ذلك بين أحد من أهل العلم. وقد ذكرنا قبل ما في صفته بين أهل العلم من الاختلاف وأما القسامة فأوجب القصاص بها مالك والشافعي في أحد قوليه وجماعة من العلماء. والأصل في وجوب القصاص بها قول الله عز وجل:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: ٣٣]، أي حجة توجب له القصاص، فلا يتعد فيه، لأن السلطان الحجة. فأجمل الله تبارك وتعالى المعنى الذي يصح به القصاص ويوجبه بلفظ السلطان. وثبت «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بالقسامة في الأنصاري الذي قتل بخيبر فقال لولاته: أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم؟ قالوا لم نشهد ولم نحضر، قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا، فقالوا: يا رسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار. فوداه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من عنده». وهو حديث صحيح لا