تعالى:{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[فاطر: ١٨]، وأما الضامن فإنه بين المعنى.
[فصل]
فالكفالة بالمال جائزة في الشرع، لازمة في صريح الحكم؛ وهي من المعروف، وتجوز عند مالك وأصحابه في المعلوم والمجهول- خلافا للشافعي في قوله: إنها لا تجوز في المجهول؛ والأصل في جوازها الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ فأما الكتاب فهو ما تلوناه من قول الله عز وجل:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}[يوسف: ٧٢]، وقوله:{سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم: ٤٠]، وأما السنة فكثير، منها: ما روي «أن قبيصة بن المخارق أتى النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله وقال له إني تحملت بحمالة، فقال: " نحن نخرجها عنك من الصدقة يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا في ثلاث: رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك»، ففي إحلاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسألة لمن تحمل بحمالة- دليل على جواز الحمالة ولزومها ووجوبها عليه؛ وقد استدل أيضا بظاهر هذا الحديث- من قال إن للمكفول له مطالبة الكفيل وإن كان المكفول عنه مليا، إذ أباح رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسألة المحرمة بنفس الحمالة، ولم يعتبر حال المتحمل عنه، وفيه أيضا دليل على إجازة الحمالة بالمال المجهول؛ لأن فيه تحملت بحمالة- ولم يذكر لها قدرا ولا مبلغا- وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما، خلافا للشافعي في قوله: إن الحمالة بالمال المجهول لا تصح، لأنها مخاطرة على ما قد ذكرناه عنه. وأما الإجماع فلا خلاف بين الأمة في جوازها- وإن اختلفوا في كثير من شروطها وأحكامها.
[فصل]
فالحمل والحمالة في اللغة سواء في المعنى، لأنهما جميعا مصدران من