شراء ثوب يختاره المشتري من ثياب صنفها واحد وإن اختلفت صفاتها، ولم يجزها إذا اختلفت الأرض كما لم يجز شراء ثوب على أن يختاره من أصناف. ولم يجز ذلك عند غير ابن القاسم وإن استوت الأرض لاختلاف الأغراض في نواحيها على مذهب من لا يجيز البيع في الثياب على الاختيار حتى تكون صنفا واحدا وصفة واحدة. والدليل على صحة تأويلنا هذا في هذه المسألة أنها تنقسم في الاحتمال إلى أربعة أقسام:
أحدها: أن يكون الكراء وقع على أن يعطيه المكري من أي موضع شاء.
والثاني: أن يكون وقع على أن يضربا على الأرض بالسهام فيأخذ من الموضع الذي وقع السهم عليه.
والثالث: أن يكون وقع الأمر مسكوتا عليه.
والرابع: أن يكون وقع على أن يختار المكتري فيأخذ من أي موضع شاء فأما على أن يعطيه المكري من أي موضع شاء أو على أن يأخذ من الموضع الذي وقع عليه السهم بالقرعة فلا يصح أن يكونا تكلما على ذلك لأن ذلك لا يجوز عند أحد من العلماء. وكذلك لا يصح أن يكونا تكلما على أن البيع وقع مسكونا عليه على حكم الشركة لأن البيع لو كان وقع على ذلك لوجب أن يكون صحيحا عندهما جميعا، اختلفت الأرض في الطيب والكرم أو استوت في ذلك على ما بيناه فلم يبق إلا ما تأولناه وهو أن البيع إنما انعقد بينهما على أن يأخذ المكتري الأذرع التي اكترى حيث شاء من الأرض على ما بيناه. وإنما يفسد البيع في هذه المسألة إن كان مبذر الزوجين غير معلوم القدر، وقد نص على ذلك ابن القاسم في رواية عيسى عنه في المدونة.
فصل
[فتوى ابن رشد بإبطال حكم قاضي قرطبة في قضية شفعة]
وقول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في أنه لا شفعة في ذلك أصح من مذهب أشهب